رحم الله الصديق العزيز معالي الدكتور عبدالله العمران، فقد رحل في هدوء تماما كما عاش في هدوء، وعندما بلغني خبر وفاته دعوت الله أن يغفر له ويرحمه ويتحنن عليه، فقد كتب سبحانه وتعالى على نفسه الرحمة، والأخ الدكتور عبدالله العمران زاملته يوم كنا في الوزارة، وشعرت بأنه إنسان يألف ويؤلف، وهو قانوني محنك، وكانت ثقافته تتيح له المداخلات الواعية بين القانون والشريعة، فقد درس القانون ودرس الشريعة من خلال حصوله على درجة الماجستير في الفقه الإسلامي من جامعة القاهرة، وكان قبل ذلك قد حصل منها على البكالوريوس في القانون.
وقد اشتهر رحمه الله بدقته ومرونته يوم كان يعمل في شعبة الخبراء في مجلس الوزراء وهو من الرجال الذين زهدوا في العمل الحكومي بل وفي الوزارة، فبعد أن تعين وزير دولة قدم في استحياء وأدب طلبه للملك خالد - رحمه الله - بأن يعفيه من عمله كوزير، وآثر التفرغ للتدريس والعمل القانوني، وكان يحرص على ارتباطه بجامعة الملك سعود ومعهد الادارة، وكان يدرس فيهما، والرجل من الاصدقاء الذين نعتز بهم، وكان يعجبني فيه ولعه بالقراءة وحبه وعشقه للكتاب، ولعل من امتع الأيام التي قضيناها معه أنا ومجموعة من الزملاء تلك الأيام في مجلس الوزراء وعلى رأسنا معالي أستاذنا الشيخ الدكتور عبدالعزيز الخويطر.
كان معالي الدكتور عبدالله العمران - رحمه الله - رجلا قريباً من الناس حبيبا إلى نفوسهم وكان رحمه الله يعشق اللغة الفرنسية ويتحدث بها بعد أن تخرج من جامعة ديجون الفرنسية، وأذكر عندما اراد ترك العمل الوزاري وأصر على الابتعاد حاصرناه أنا وبعض الزملاء في محاولة لنثنيه عن طلبه للاستقالة فانسلخ من حصارنا بخفة وفي روح فيها دعابة وحسن تخلص وقال: انني رجل قانوني وأحب أن أتفرغ لعملي وطلابي، وكان معالي الشيخ حسين منصوري وزير المواصلات - رحمه الله - بجواره فقال مداعبا: يا اخوان الدكتور عبدالله العمران رجل قانوني يعزف على القانون وأنتم تعزفون على الكمان لهذا فقد آثر الرحيل، وكنا على مسافة من معالي الفريق صالح خصيفان، فاقترب منا الأستاذ رضوان ثابت مدير مطار الرياض قديما وقال ينبهنا: اخفضوا اصواتكم فالحكومة بجواركم وكان يعني معالي الفريق صالح خصيفان. وقال: إذا واصلتم العزف على القانون والكمان فقد تعزف الدولة على الطبل، وانتم من الافضل لكم الصمت في مثل هذه المناسبات، وضحكنا جميعاً عندما احسينا أن الفريق صالح خصيفان على بعده كان قد استمع إلى الحديث.
كان معالي الدكتور عبدالله العمران اجتماعي بطبيعته ومن الاساتذة الذين درسوا القانون بصورة حببته إلى طلابه، وأني اسأل الله سبحانه وتعالى أن يخلفه خيرا في أهله وولده، وتحياتي وتعازيّ لزوجته الكريمة ولأهله وللأبناء الدكتور هشام والدكتورة عُلا والمهندس فهد، والدكتور فارس وتعازي للاخوان عمران العمران واخواته ولكل الأصدقاء الذين تألموا لرحيل هذا الصديق.
نسأل الله له الرحمة والغفران، فقد رحل إلى جوار رب كريم فنسأل الله أن يرحمه ويرحمنا جميعا إذا صرنا على إلى ما صار إليه.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.