لم يكن الزميل طلعت وفا صحفياً نابهاً ومتفوقاً وجديراً بالاحترام لدى زملائه في صحيفة الرياض فقط، حيث العلاقة المتجذرة منذ بداياته الصحفية معهم، وحيث التميز والتفرد والجهد الصحفي الخلاق الذي تميز به طيلة عمله صحفياً ورئيساً للتحرير وصديقاً لصيقاً لزملائه في صحيفة الرياض ومجلة اليمامة وصحيفة الرياض ديلي المحتجبة، بل إنه كان على مسافة واحدة في علاقاته وتعاونه مع زملائه في كل المؤسسات الصحفية وفي كل الصحف والمجلات سواء في داخل المملكة أو خارجها.
***
وإذا كان خبر وفاة الزميل والصديق الأستاذ طلعت وفا لم يكن مفاجأة لأي من زملائه وأصدقائه بل وحتى لأسرته بعد أن وصلت التطورات السلبية في حالته المرضية إلى مستويات لم يعد الطب معها قادراً على إيقاف تسارع انتشار المرض رغم كل الجهود التي بذلت في المملكة وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الحزن عليه والشعور بالأسى لفقده لم يكونا غائبين، إذ ما من أحد عرف الرجل واقترب منه وتعامل معه إلا وأدرك معدنه الأصيل، وبالتالي تأثره لوفاته ولمرضه من قبل.
***
وفي وفاته - رحمه الله - وقد خيم الحزن علينا جميعا لم تخسره الزميلة صحيفة الرياض فقط، حيث كان عنصرا فاعلا وصحفيا بارزا في أسرة تحريرها، وإنما الخسارة كانت على مستوى الصحافة السعودية، بما كان له من إسهامات صحفية مشرفة ونشاط صحفي بارز، مع جدية في العمل لم يثنه المرض أو الإحباط من أن يتخلى عنها حتى وهو يمضي أيامه الأخيرة في هذه الحياة بجسم هزيل وقوى منهكة ومرض أقعده حتى عن المشي بعد أن داهمه المرض ليستعين مضطرا باستخدام كرسي متحرك لكي لا يتوقف نشاطه وتواصله مع قرائه.
***
لقد اعتاد الزميل طلعت وفا كصحفي محترف أن يحمل جهاز التصوير في كتف وجهاز الإنترنت في كتفه الآخر، ويقضي الساعات الطوال في حضور المؤتمرات الصحفية، حتى حين كان جسمه ينوء بحمل هذا المرض الخطير الذي حوله إلى جسم أشبه ما يكون بهيكل عظمي وذلك قبل أن يتوقف نبض قلبه الذي عاش حياته ينبض بالحب ويضخ كل معاني الصدق والإخلاص والوفاء لكل الناس.
***
إن الزميل طلعت وفا بخلقه وسماحته وابتسامته وتعاونه ورجولته، كما هو في ثقافته وحسه الصحفي وطموحاته وإيثاره للعمل على الراحة، هو نموذج نادر من الرجال، وهو في صداقاته وزمالاته وأريحيته كان يحمل سمات الوفاء كما هو اسمه، بحيث حاز على حب الناس داخل محيطه الصحفي فضلا عن علاقاته بشرائح كثيرة من المجتمع.
***
لقد حزنت حين علمت بمرضه، وبكيت حين أبلغت عن وفاته، وتأثرت كثيراً حين جمعني به آخر لقاء في حياته، حيث كان مظهره يوحي بدنو أجله، بعد أن مس المرض ما كان قد بقي سليما من جسمه النحيل، ولكن هذه هي إرادة الله، وهذه هي مشيئة الله، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.