وكان المؤلف مهتماً بتوضيح ما تدل عليه، الرسومات والأشكال، وتاريخها وتكوينها، ففي ص 46 رسم يدوي بالألوان، يرمز للحرم المكي، وأبوابه ومآذنه القديمة قبل التوسعة، ومن ص 48 وما بعدها تحدث عن بناء الكعبة قبل إبراهيم الخليل: بناء الملائكة للكعبة المشرفة، تم بناء آدم عليه السلام، ثم بناء شيث بن آدم، ثم من ص 54 تحدث عن بناء إبراهيم عليه السلام، مبتدئاً برسم منمنم للكعبة، وحولها المطاف من رسم أحد الرسامين المسلمين، وهي محفوظة في المتحف الإسلامي التركي في استامبول، ثم رسم آخر للكعبة ومكة،،،،
،،،في عهد قصي بن كلاب الذي جمع قريش وأسكنهم حول الكعبة، وبناء دار الندوة ص 61، وأعقبها في ص 64 - 65، برسم تقريبي للكعبة المفطمة، ومكة في عهد قريش، بعد أن أعادت بناء الكعبة، واقتصرت في البناء عن أساس إبراهيم عليه السلام من الناحية الشمالية.
ومن ص 67 جاء الفصل الرابع: الكعبة في عهد الرسول والخلفاء الراشدين، فتحدث عن تحويل القبلة، وعن الكعبة المشرفة عام الفتح، وعن العناصر المعمارية للكعبة، وفي ص 70 - 71 أورد رسماً لجبل النور في مكة، وتحته قافلة من قوافل الحجاج، والرسم من عمل الرسام العالمي: إتيان رينيه، الذي حج وقام بعمل رسومات عديدة: لمكة والمدينة.
وفي ص 73 جاء الفصل الخامس: عمارة الكعبة في العصر الأموي، جاء فيه عمارة عبدالله بن الزبير، وعمارة عبدالملك بن مروان، للكعبة في عام 73هـ - 692م، ووصف للأعمال المعمارية في الكعبة، حتى نهاية العصر الأموي إلا أنه لم يتوسع في عصر الوليد. وفي ص 76 صورة لأحد الأعمدة الخشبية الثلاثة التي تحمل سقفي الكعبة يعود لعام 64هـ - 684م في عهد عبدالله بن الزبير، عندما أعاد بناء الكعبة، وقد بقيت هذه الأعمدة الثلاثة داخل الكعبة، حتى عام 1417هـ - 1996م، وهو محفوظ في معرض: عمارة الحرمين الشريفين بمكة، وأعقب ذلك في ص 78 - 79 برسم تقريبي للكعبة في عهد عبدالله بن الزبير، حيث أعادها على قواعد إبراهيم الخليل، وهي بهذا الوضع: من أعمال الرسام: د. عبدالملك ماستر.
وفي الصفحات 80 - 85 الفصل السادس: تحدث عن الأعمال المعمارية في الكعبة المشرفة في العصر العباسي، وفي ص 86 صورة ملونة لقفل باب الكعبة، مصنوع من الحديد المكفت بالذهب والفضة، في عهد السلطان: فرج بن برقوق، في شهر جمادى الأولى عام 804هـ - 1401م، وزينت جوانبه بآيات من القرآن الكريم، مع اسمه، طول المفتاح 50 سم، محفوظ في متحف طوب قابي باستامبول.
وفي ص 89 رسوم لأربعة مفاتيح لإقفال باب الكعبة، في سنوات مختلفة، وقديمة منها في عام 659هـ وطول المفتاح 28.5 سم.
وفي ص 94 - 112، من الفصل الثامن،: عن عمارة: الكعبة في العصر العثماني، بدأ ذلك بصورة لباب الكعبة، صنع بأمر السلطان مراد الرابع، صنع في مكة وصفح بالفضة المطلية بالذهب، وركب عام 1045هـ - 1635م. معروض في المتحف الوطني بالرياض، وفي ص 98 قفل ومفتاح باب الكعبة، مصنوع من الفضة المطلية بالذهب، من عهد السلطان إبراهيم الأول عام 1056هـ 1646م، مكتوب عليه آيات قرآنية، وزخارف نباتية طوله 25 سم.
وفي ص 100 - 101 قفل في عهد السلطان بايزيد الثاني صنع في 915هـ - 1509م، مكتوب عليه البسملة ودعاء، وعلى الجانب الأيسر أدعية، محفوظ في متحف طوب قابي، باستامبول، والثاني قفل من الحديد، لباب الكعبة صنع في عهد السلطان أحمد الأول 1023هـ - 1614م.. ثم ذكر أنواعهاً من الأقفال، والإصلاحات والترميم في الكعبة، وطوقاً من الذهب للحجر الأسود، وميزاب الذهب الذي صنع في عهد السلطان عبدالمجيد عام 1273هـ - 1856م، وركب في الكعبة عام 1276هـ - 1859م، وبقي في الكعبة، حتى تم تغييره في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد سنة 1417هـ - 1996هـ، وهو محفوظ في معرض عمارة الحرمين الشريفين بمكة.
ولم يذكر أعمالاً في الكعبة، في العصر العباسي، وإنما هي ترميمات، ولعلهم أخذوا برأي الإمام مالك الذي نهى الرشيد عن إعادة عمارة الكعبة قائلاً: (ناشدتك الله، لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره، فتذهب هيبته في قلوب الناس). أما ابنه الأمير محمد بن هارون الرشيد فقد أرسل في عام 194هـ - 810م لعامله على مكة (18000) دينار ثمانية عشر ألف دينار ليضرب بها صفائح الذهب على باب الكعبة، فضربت عليه (ص82).
وفي الفصل التاسع من ص 112 بدأ الحديث: عن الأعمال العمارية في العصر السعودي، أورد صورة لباب الكعبة الذي صنع بأمر الملك عبدالعزيز سنة 1363هـ - 1943م، ورُكب عليها بدلاً من باب السلطان مراد الرابع عام 1266هـ وهو محفوظ الآن في معرض عمارة الحرمين الشريفين بمكة، وهو أول باب لكعبة في العهد السعودي، والمعرض في أم الجود.
وفي سنة 1351هـ - 1932م قام الملك عبدالعزيز بوضع القطعة المكسورة من الحجر الأسود في مكانها بعد معالجتها، وكذلك أمر جلالته، بإصلاح شاذروان الكعبة وإحكامه جيداً، وفي ص 114 استعرض أعمال الملك عبدالعزيز في الأمن وراحة الحجاج والتعمير، وفي عام 1352هـ - 1933م كسا الملك الكعبة، كما كسيت في عام 1355هـ بكسوة حمراء من الداخل، وفي عام 1364هـ رُكب الباب الذي أمر به الملك، وقد وصفه وما يتحلى به: متانة وصناعة وزخرفة، ومقابض علاوة على الآيات الكريمات التي كتبت عليه، واعتبره من مفاخر عهده.
ثم ذكر الأعمال التي جدت في الكعبة والمسجد الحرام في عهد الملك سعود، وفي الحجر الأسود، وتركيب طوق الغضة عليه، وترميم سقف الكعبة ووضع مرابيع الخشب الجاوي في أعمال الترميم.
ثم في ص 126 تحدث عن أعمال الملك فيصل في الكعبة المشرفة، ومن أبرزها الاهتمام بمقام إبراهيم ووضعه الأخير بالبلور. وفي ص 132، ذكر شيئاً عن أعمال الملك خالد في الكعبة، ومن أبرزها باب الكعبة وتصفيحه بالذهب، وما فيه من البذل السخي والزخرفة والحفر بالذهب، بأشكال بديعة وآيات كريمة، ومباشرة غسلها، وفي عام 1397هـ - 1976م أمر بصنع وتركيب سلم داخل الكعبة، دائري الشكل من الألمنيوم القوي، مكون من خمسين درجة بدلاً من السلم الخشبي.
وفي ص 142 تحدث عن الترميم الشامل للكعبة، بتوجيهات ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، فانتقى أجود الأخشاب نوعاً وجودة، وأغلاها ثمناً، لسقف الكعبة في ترميمها، وكانت أجودها من غابات بورما، بعد أن طافت اللجنة المكلفة بهذه المهمة، في بلاد الأشجار ذات الجودة العالية، وهي لجنة فنية أمر بها الملك فهد، فكانت أشجار (التيك) حيث عولجت هذه الأشجار في موطنها، ثم في المملكة بعناية فائقة، وإنفاق سخي. وقد توسع المؤلف في الحديث عن الترميم في عهد الملك فهد، والجهود المبذولة في ترميم جدران الكعبة الداخلية، وتجديد السقف والأعمدة، والميزاب المجدد للكعبة، الذي تم في عهد الملك فهد وتركيبه، مع الترميم الكامل للكعبة.
ولما كان ابن جبير في رحلته للحج عام 578هـ 1182م: فإنه قد ذكر في رحلته تلك التي دامت عامين وهو في مكة عن مطر غزير نزل في مكة، حتى أن بعض الناس يطوف سباحة، وأنه نزل بمكة والمدينة صواعق على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الكعبة، أثر في جانب منها.. فلم أجده أشار إلى ذلك.
ثم في ص 156 تحدث عن أعمال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في الحرم والكعبة، ودخل في ص 168 في الباب الثاني عن كسوة الكعبة، بادئاً بما قبل الإسلام، وفي العصر المملوكي الذي تميزت فيه صناعة كسوة الكعبة ونماذج من القطع المحفوظة في متحف صوب قابي، باستانبول ورقمها 1646 - 13. أما في ص 168 فالكسوة نوع من جلود الحيوانات، تسمى الأنطاع، مستطيلة الشكل ويحفظ ببعضها مع بعض، ولا كتابات عليها، تكسى بها الكعبة في الجاهلية بعد دبغها، وكانت تلك الكساوي لا تنزع، بل بعضها فوق بعض حتى تبلى فيرمى البالي ويبقى الصالح، ليجعل فوقه الكساوي المتبرع بها مجدداً... للحديث صلة.
من كسى الكعبة في الجاهلية؟
جاء في أخبار مكة للأزرقي، بأنه يروي بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن سب أسعد الحميري، وهو تبع.. وكان أول من كسى الكعبة، قال محمد بن إسحاق، بلغني عن غير واحد من أهل العلم، أن أول من كسى الكعبة كاملة، تبع وهو أسعد، أُري في المنام أنه يكسوها فكساها الانطاع، - جمع نطع - وهو بساط من الأديم أي الجلد.
ثم أُري أن يكسوها، فكساها الوصايل وهي ثياب حيرة من عصب اليمن، وجعل لها باباً يغلق.
قال المديني: لما كان تبع بالدف من جمدان، بيد أمج وعسفان، دفت بهم دوابهم وأظلمت الأرض عليهم، فدعا أحباراً من أهل الكتاب كانوا معه، فسألهم، فقال: هل هممت لهذا البيت بشيء؟ قال: أردت أن أهدمه قالوا: فانو له خيراً أن تكسوه، وتنحر عنده، ففعل فانجلت عنهم الظلمة، وإنما سمي الدف، من أجل ذلك.
قال ابن إسحاق: فسار حتى إذا كان بالدفّ من جمدان، دفت بهم الأرض، وغشيتهم ظلمة شديدة، وريح فدعا أحباراً كانوا معه من أهل الكتاب، فسألهم فقالوا: هل هممت لهذا البيت بسوء. فأخبرهم بما قاله له الهذليون، وبما أراد أن يفعل، فقالت الأحبار: والله ما أرادوا إلا هلاكك وهلاك قومك، قال: فما الحيلة؟
قالوا: تنوي خيراً، لأن هذا البيت بيت الله الحرام، ولم يرده أحد قط بسوء إلا هلك.
قال: فماذا ترون؟ قالوا: تنوي له خيراً، أن تعظمه وتكسوه، وتنحر عنده، وتحسن إلى أهله ففعل فانجلت عنهم الظلمة، وسكنت عنهم الريح، وانطلقت بهم ركابهم ودوابهم.
فأمر تبع بالهذليين، فضربت أعناقهم وصلبهم، وإنما كانوا فعلوا ذلك حسداً لقريش على ولايتهم البيت. ثم سار تبع حتى قدم مكة، فأقام بها أياماً ينحر فيه كل يوم مائة بدنه، لا يأخذ منها أحد شيئاً، ولا يكل ممن في عسكره لها شيئاً، يردها الناس، فيأخذون منها حاجتهم، ثم تقع الطير وتأكل ثم تنتابها السباع، إذا
أمست، يفعل ذلك كل يوم، مدة إقامته، ثم كسا البيت كسوة كاملة، وجعل لها باباً يغلق، ولم يكن يغلق قبل ذلك، وأورد أبياتاً له في إقامته شهراً، ينحر للعامة، وعن كسوة البيت ثم تعظيمه. (أخبار مكة للأزرقي 1: 133 - 134).