قصف شمال إسرائيل بالصواريخ من جنوب لبنان، وفي ظل ما يحدث في غزة من مفرمة وحشية للمدنيين العزل، يوضح مدى الإشكالية التي تمثلها إسرائيل في المنطقة بسياستها العدوانية، التي أضحت من أهم مهددات الأمن والسلم الدولي، وذاك ما أشرنا إليه من قبل من خلال هذه الافتتاحية عندما قلنا: إن دولة إسرائيل في حد ذاتها تمثل مشكلة دولية معاصرة، مثلها مثل ظاهرة الإرهاب، وإشكالية ندرة المياه، والتصحر، والحرب الاستهلاكية ضد البيئة، والهجرة غير المشروعة.
ففي ظل الجهود الدولية التي تبذل من أجل وقف العدوان الهمجي على غزة والذي يقلق كل الحريصين على الاستقرار العالمي، ضربت الصواريخ شمال الكيان مما يهدد بفتح جبهة جديدة تكشر إسرائيل بها عن أنيابها الحادة فتقضم المزيد من الأبرياء والمدنيين، وتدمر البني التحتية في لبنان من جديد كما حصل في حرب 2006م.
تظل تل أبيب الطرف اللامسؤول في عملية السلام المنشود، وتظل أيضاً الطرف المسبب للارتباك في استقرار المنطقة، سواء كان ذلك على صعيد تلكؤها في مسار المفاوضات والتي دائماً ما تطعها بجرائم حرب تقضي على كل روح تفاوضية سواء على المستوى الشعبي أو السياسي، أو بعقلية الدم اليهودي الذي يجب أن يكون ثمنه غالياً انطلاقاً من وجهة نظر صهيونية ودينية، وغير ذلك الكثير من المفاهيم التي أضحت من العراقيل البارزة في هدم كل طموح للسلام، سواء من أحلام حدود الدولة الكبرى المزعومة وأسطورة الشعب المختار ومن خلال -أيضاً- كسر المعنويات بقتل الأطفال والنساء، واستهداف المدارس وتشريع الاغتيال عبر تسميات القتل المستهدف، وأهم من ذلك كله العمل - وبشكل متواتر- على نشر ثقافة الكراهية التاريخية وتغذيتها بشكل مستمر عبر إراقة الدماء وبعثرة الجثث من حين لآخر.
***