الرياض - خاص بـ(الجزيرة):
شهدت السنوات الأخيرة محاولات لكثير من أصحاب القلم والفكر سواء على المستوى الفردي أو المؤسساتي سواء في بعض الدول غير الإسلامية أو من بعض المنتسبين للأمة الإسلامية، الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، والسيرة النبوية، والطعن فيها، وفي ظل ذلك يتم التساؤل هل تحتاج السيرة النبوية إلى عرض جديد يرد فيها على هؤلاء ويظهر ما في السيرة النبوية من جوانب مشرقة إيمانية وإنسانية وأخلاقية تدحض الشبهات التي تثار ضد الإسلام، ويواكب المستجدات التي حصلت في العالم في السنوات الماضية وخصوصاً في ظل التطور المطرد في وسائل الإعلام والاتصال، وأثر ذلك في إعادة صياغة الفكر البشري، كان ذلك محور التساؤل الذي حملناه إلى عدد الأساتذة المختصين في السيرة النبوية بقسم التاريخ والحضارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض فماذا قالوا؟!
التأليف بالسيرة
بداية يؤكد الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الخرعان أن السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم تحتاج إلى إعادة عرض جوانبها عرضاً يتواءم مع مكانة صاحبها وشمول رسالته التي جاء بها رحمة للعالمين.
وإن إبراز سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم على أن معظم أحداثها وجوانبها في المغازي والسرايا على حساب الجوانب الكثيرة التي لا تنقل عظمة في حياته، هذا أعطى تصوراً ناقصاً عن سيرته صلى الله عليه وسلم وسهل لأعداء الإسلام نشر سمومهم في ذلك.
وأهاب د. الخرعان بعرض السيرة النبوية عرضاً شاملاً يتناسب مع شمول الإسلام وعظمة أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال الآتي:
1- إبراز الجوانب التي خفت ذكرها في عرض السيرة التقليدي، مثل الجوانب الاجتماعية في حياته التي تبرز في تعامله مع أهل بيته وتعامله من أصحابه.
2- إبراز تعامله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه في حالة السلم وحالة الحرب، وهذا جانب مهم يجهله الكثير، وإنه حينما يجلى سيظهر لغير المسلمين سمو تعامل الإسلام حتى مع الأعداء وستتضاءل أمام هذا السمو تلك الشعارات التي يرفعها دعاة حقوق الإنسان والمتظاهرون بالحرص على نشر الحرية والعدل بين الشعوب، وأن استعراض تعامله صلى الله عليه وسلم فحسب مع الأسرى حين كان شعاره (استوصوا بالأسارى خيراً) مما يدفع أصحابه امتثالاً لأمره بأن يؤثروا أساراهم على أنفسهم بالجيد من الطعام إن استعراض مثل هذا التعامل سيثير الدهشة ويبعث الإكبار في نفوس الكثير ممن يجهل سيرته صلى الله عليه وسلم.
3- من الضرورة بمكان التأليف بهذا الهدف في سيرته صلى الله عليه وسلم لجميع المستويات ابتداء بالتأليف للأطفال.
4- العمل على نشر المفهوم الشامل للسيرة النبوية الذي تجلى فيه أخلاقه والجوانب الأخرى كالإدارة وجانب التخطيط والتطوير وذلك عبر وسائل عدة كالمناهج الدراسية والفضائيات والصحافة وإقامة المؤتمرات وأهم من ذلك عبر أخلاق المسلمين وتعاملاتهم.
5- من المهم في هذا الجانب حرص أرباب الأقلام التي تصل كلمتهم للناس على التعمق في معرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والغوص في بحورها لئلا يقعوا فريسة الانخداع بشعارات الآخرين ويصح فيهم قول الشاعر:
كالعبس في البيداء يقتلها الظمى
والماء فوق ظهورها محمول
قناة فضائية
ويتفق الدكتور بسام بن عبدالعزيز الخراشي مع ما ذكره الدكتور الخرعان.. قائلاً: إن السيرة النبوية في هذا الزمن بحاجة ماسة إلى عرضها وتقديمها، لتصحيح الصورة غير المنصفة عن الرسول عند غير المسلمين، وإزالة مؤثرات تراث الكراهية للإسلام وأهله في الحضارات الأخرى.
ولعل هذا يتحقق من خلال الآتي:
- أن يكون هناك قناة فضائية متخصصة لبث الوعي الإسلامي بين الشعوب في الإسلام، ولتنزيه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من كل شائبة.
- الاستفادة من التقنيات الحديثة في جمع وتحرير الأبحاث المتعلقة بالسيرة النبوية، والرد من خلالها على المتهجمين والمشككين عن طريق إنشاء مواقع متخصصة في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، ويكون ذلك على مستوى الجامعات وتحت إشراف أساتذة متخصصين في هذا الجانب.
- إخراج دراسات علمية في السيرة النبوية وإبراز ما تحويه من قيم وأخلاقيات، وكذلك تبني ورعاية كل من يكتب بإنصاف عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الباحثين في الشرق والغرب.
- إصدار دراسات في مجال السيرة النبوية تتناول موضوعات حضارية وثقافية تسهم في تبصير المسلمين وغيرهم بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في شؤون الحياة ومجالاتها المتعددة.
الحقد والجهل
ويشير الدكتور محمد عبدالله الغنام أن تلك الشبهات تنطلق من فئتين هما:
أ- فئة حاقدة مكابرة مغالطة للحق والصواب رغم أنها في الغالب تعرف الحق من الباطل كبعض المستشرقين واليهود ونحوهم.
ب- فئة تنطلق من جهل عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وهذه الفئة يتم التعامل معها بتوضيح الصواب، وتجليه الحقائق حول السيرة النبوية وما يتعلق بها من قضايا حول شخص الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الصنف فيهم من يراجع نفسه ويغير أحكامه وآراءه حول السيرة النبوية.
والصنف الآخر يعتمد غالباً على المغالطات والتشويش والتدليس بإظهار بعض الحق وطمس البعض الآخر، وهذا الصنف يتعامل معه بكشف زيفه وأباطيله ومغالطاته.
أما المنطلق من الجهل فالأفضل أن يتعامل معه ببيان الحق والصواب وتجلية الأمور على حقائقها.
علما أن الصراع بين الحق والباطل مستمر حول معرفة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله باعتبار ذلك أصلاً من أصول الدين، وفرق في المواقف بين من يؤمن به وبين من لا يؤمن به.