جدة - الجزيرة
عقد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة اجتماعاً مع رجال الإعلام والصحافة والمطورين لمنطقة مكة المكرمة وذلك بقصر سموه بجده مساء أمس الأول بهدف إطلاعهم على استراتيجية تنمية المنطقة وتطويرها وآلية تنفيذها؛ حيث أكد سموه أن للصحافة دوراً كبيراً وفعّالاً في عملية التوعية ونشر ثقافة التنمية لدى أفراد المجتمع.
وقد بدأ الاجتماع بتعريف من سموه عن استراتيجية التنمية التي بدأ تطبيقها فعلياً من بداية هذا العام 1430هـ. وذكر سموه أن استراتيجية تنمية منطقة مكة المكرمة للسنوات العشر القادمة تعتمد على عدة مرتكزات، أهمها الكعبة المشرفة، وهي الأساس والمنطلق للمشروع، والارتقاء بتنمية الإنسان ليبلغ وصف (القوي الأمين)، كذلك أن تكون مكة المكرمة نموذجاً مشرفاً للمملكة خاصة وللعالم الإسلامي وللعالم أجمع، والعمل أيضا على التنمية المستدامة المتوازية والمتوازنة بين الإنسان والمكان من جهة وبين جميع المحافظات والمدن والقرى التابعة من جهة أخرى، بالإضافة إلى المشاركة الجادة والفعّالة بين القطاعين العام والخاص. لافتاً سموه إلى أن الاستراتيجية أخذت في اعتبارها أربعة محاور رئيسية هي: محور الإنسان، ويتمثل ذلك من خلال رفع كفاءة التعليم والتدريب ومخرجاته، ورفع مستوى أداء العاملين في مناسك الحج والعمرة وبناء مفاهيم واتجاهات إيجابية لدى إنسان المنطقة وتنميته اجتماعياً وتوفير الخدمات الثقافية والاجتماعية والترفيهية والرياضية، وإعداد الشباب من الجنسين وتأهيلهم لتحمُّل المسؤولية في القطاعين الحكومي والخاص.
وبيّن سموه أن المحور الثاني هو المكان، حيث يتمثل في توفير مصادر مياه كافية ونقية، ومعالجة تسربها وهدرها، وإيصالها للمستهلك، وتطوير منظومة متكاملة للبنية التحتية، كذلك رفع كفاءة الخدمات الصحية كمّاً وكيفاً، وتطوير مرافق النقل العام والمواصلات، إضافة إلى معالجة الأحياء العشوائية وتحويلها إلى أحياء نموذجية مع حماية وتوثيق وتطوير الأراضي العامة للدولة والاستفادة منها.
أما المحوران الثالث والرابع اللذان ركّزا على القطاعين الحكومي والخاص فقد أوضح سموه أنهما يتضمنان تعاوناً مشتركاً فيما بينهما لتمكين وتفعيل المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد والمؤسسات، وكذلك المشاركة في مشاريع التنمية في المنطقة بنسبة لا تقل عن 40% للقطاع الخاص، وتحفيز إنشاء المشاريع المتوسطة والصغيرة وتطويرها والعمل على الترويج لمكة المكرمة كعلامة تسويقية عالمية مع تحسين المناخ الاستثماري للمنطقة لتكون هي الخيار الأمثل للاستثمار.
وبيّن سموه أن هنالك مبادرات سريعة المردود من المفترض أن يستغرق البدء في تنفيذها من سنة إلى سنة ونصف السنة، وقد بدأ فعلياً تطبيقها قبل بداية المشروع، منها تحسين أداء القطاع الحكومي الذي بُدئ فيه من الإمارة، واستحداث إدارة استراتيجية مختصة بالتنمية. ومن المبادرات المنفذة أيضاً التعامل الراقي مع الحاج والمعتمر تحت شعار (خدمة ضيوف الرحمن شرف نعتز به)، مشيراً إلى نجاح حج العام المنصرم، إضافة إلى البدء في مشروع معالجة الأحياء العشوائية ودراسة وتحسين أحوال الأفراد والأسر صحياً واجتماعياً واقتصادياً، كما بدأ العمل في مشروع توفير المياه وإيقاف هدرها من خلال التركيز على المنشآت ذات الاستخدام الأكبر. ولفت سموه إلى أهمية دور التوعية والتثقيف في هذا الجانب.
وأضاف سموه أن هناك بعض المبادرات التي ما زالت قيد التنفيذ، منها الارتقاء بالسلوكيات لأفراد المجتمع تحت شعار (من لا يحترم النظام لا يحترم نفسه) وتوفير العمل الإلكتروني من خلال ربط الأطراف المعنية بالتوظيف من خلال شبكة معلومات إلكترونية متكاملة.
وفي نهاية الاجتماع عُقد مؤتمر صحفي بهذه المناسبة، أكد من خلاله سمو أمير منطقة مكة المكرمة اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) بتطوير المنطقة المركزية للحرم المكي الشريف، حيث أشار سموه إلى وجود خطة عمل حالياً تهدف إلى تطوير وتوسعة الساحات والمباني المحيطة بالمنطقة المركزية بجوار الحرم المكي، وأن نتائج الدراسات سوف ترفع قريباً إلى المقام السامي.
وأوضح سموه أن مشروع تطوير الأحياء العشوائية بمنطقة مكة المكرمة والمحافظات التابعة لها يعد من أكبر المشاريع التنموية على مستوى المملكة المعتمدة مالياً، وطمأن سموه أهالي الأحياء العشوائية بمنطقة مكة المكرمة ومحافظاتها بأن هنالك نظاماً ستصدره الأمانات قريباً بشأن تعويض الملاك، وهي عبارة عن شقق سكنية ومبالغ مالية تتلاءم مع الأسعار الحالية بغض النظر عن قيمة عقاراتهم. موضحاً أن كل مواطن سوف يأخذ سكناً بديلاً عن عقاره العشوائي حتى ولو كانت أسعار الشقق الجديدة تكلف أكثر من عقارهم القديم، إضافة إلى تحمل الشركة المنفذة للمشروع الفرق في السعر لصالح المواطن.
وتطرق سموه إلى أن هناك مشاريع تنموية قادمة لمنطقة مكة المكرمة من أهمها معالجة مشكلة المياه وتطوير منطقة الكورنيش الشمالي والجنوبي بجدة، بالإضافة إلى مشاريع سياحية أخرى في كل من القنفذة والليث والهدا وسوق عكاظ بالطائف. مضيفاً سموه أن هناك بعض المشاريع التعليمية التي ستشهدها المنطقة خلال هذا العام، منها تحويل كليتَي عفت ودار الحكمة إلى جامعتين مستقلتين؛ وذلك لتخفيف الضغط على جامعة الملك عبد العزيز في ظل التزايد السكاني بالمنطقة.
وقال سموه: لقد استفدنا في وضع هذه الاستراتيجية من تجربتين، الأولى هي تجربتي الشخصية في تطوير منطقة عسير لمدة تجاوزت الثلاثين عاماً، وكذلك تجربة هيئة تطوير منطقة الرياض. كما أشار سموه إلى أهمية نشر ثقافة التنمية بين الأفراد باعتبارها تؤثر وتتأثر في المجتمع وتنعكس على حياتهم وسلوكياتهم. وشدد سموه في ختام المؤتمر على محاربة الفساد والرشوة حتى يخلو المجتمع من هذه التصرفات السيئة والبعيدة كل البُعد عن أخلاق وسمات المسلم، معتبراً سموه أن تطبيقنا لكل ما جاء في الكتاب والسنة يجعلنا مؤهلين لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة.