Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/01/2009 G Issue 13256
الثلاثاء 16 محرم 1430   العدد  13256
الحبر الأخضر
والله عيب
د. عثمان بن صالح العامر

 

قبل ما يقارب الشهر أو يزيد شاركت مجموعة من الأديبات السعوديات في فعالية أدبية خارجية، وأجرت إحدى الصحف السعودية مع عدد منهن حوارات قصيرة، لفت نظري قول إحداهن (نحن هنا لتحسين صورة المرأة السعودية لتبرهن على أننا نعيش مرحلة الانفتاح!!) وفي الأسبوع قبل الماضي فتاة أكثر ما يمكن أن يقال عنها إنها مشروع أدبي ليس إلا، مغمورة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ومن بيئة تعرف معنى العيب الاجتماعي بل تبالغ فيه غالباً، تقدم هذه الفتاة - في الأمسية التي أقامها النادي الأدبي في منطقتها- قراءة لمجموعة من قصصها القصيرة!! وفي وسط الهوج والضجيج، وبين الفعل وردة الفعل، وجراء الانفعال الذي لا مبرر له، ونتيجة للانحياز الأنثوي الذي ليس هذا مكانه تصف الرجل بأنه كالضب، كما جاء في الصفحة الأولى للوطن السبت 6-1-1430هـ والتفاصيل في التغطية الإعلامية الداخلية!!.

ومع بداية مباريات منتخبنا السعودي في دورة كأس خليجي (19) تلتقط كاميرا المصورين مجموعة من النساء المتواجدات في المدرجات العمانية، البلد المستضيف لدورة الخليج الحالية، يرفعن العلم الأخضر ولوحة خضراء دون عليها وبخط بارز (الله معك يا سعودي yassa we miss you)، وتحرص إحدى الصحف على نشرها وتسويقها وفي الصفحة الأولى وكأنها تقول ها نحن وصلنا إلى قمة الانفتاح ومنتهى الحرية فها هي المرأة السعودية تقف مع منتخب بلادها جنباً إلى جنب مع رابطة المشجعين الرجال وترحل معه من بلد إلى آخر تشد من أزره في كل منازلة يخوضها!! وفي يوم الأربعاء الماضي يعاد نشر الصورة في صحف سعودية أخرى والتعليق: (مشجعة سعودية ترفع لوحة تشد من أزر لاعبي الأخضر خلال مواجهته أمس الأول المنتخب القطري في مسقط).

وبعيداً عن التأصيل الشرعي لهذه المسألة أو حتى موقفي الشخصي من قضايا المرأة في المملكة العربية السعودية أجزم أن هذا الصنيع عيب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولا يرضاه أي منا من أهله وذوي قرابته، فالمرأة السعودية لم تكن صورتها في يوم من الأيام سوداوية ولا حتى داكنة حتى تحتاج إلى من يحسنها، وليست بنت حواء في بلادنا العطاء المملكة العربية السعودية بحاجة إلا هذه القاصة أو تلك التي تعتقد أنها بما تكتبه من كلمات وما تنسجه من خيال - نتفق أو نتخلف حوله جودتها وجمالها - ستحسن الصورة أو يتحقق على يديها الانفتاح الخير والمثمر الذي ينشده العقلاء على اختلاف مشاربهم وتباين توجهاتهم، ولم تصل الحال في الصراع بين الجنسين مرحلة التراشق اللفظي المشين الذي معه يوصم الرجل بالضب، وليست المدرجات هي المكان اللائق للمرأة السعودية الحرة التي عرف عنها الحياء والعفة والتستر. إن الانفتاح خاصة للمرأة ليس هدفاً بذاته ولا يقبل في كل الأحوال وعلى جميع الأصعدة حتى لدى أكثر الموغلين في الليبرالية من أبناء هذا الوطن الذي شئنا أم أبينا له خصوصيته وتميزه، بل الانفتاح مجرد وسيلة لتحقيق غاية، تختلف النظرة له باختلاف المنطلق والظروف والمعطيات وحسب التوجهات والتيارات، والمنطقة التي يمكن المناورة فيها والسجال حولها هي في دائرة العلم وحقل الوظيفة والعمل أما ما عدا ذلك فمساواة زائفة وحرية سامجة وانفتاح مشين وإنا كنا نفاخر ونناور ففي الطبيبة المتخصصة والمربية الفاضلة والممرضة الماهرة والمهندسة والمديرة بل وحتى سيدة الأعمال المتميزة والسياسية المحنكة مع المحافظة من قبل الكل على قيم العفاف والتستر والعمل في دائرة المتفق مع الشرع والعرف والطبيعة، إن النساء السعوديات اللاتي يمكن التركيز عليهن والافتخار بهن ونشر أخبارهن في الصفحة الأولى كثر ولله الحمد والمنة، والمجالات التي برزن بها وعرفن من خلالها كثيرة وهامة جدا وذات صلة مباشرة ووطيدة بمشاريع التنمية المستدامة في بلادنا الغالية والمقام هنا ليس مقام الحديث عن هذا الوجه المشرق للمرأة السعودية.

إن هذا المقال وقفة عتاب عاجلة أملها الواجب وفرضها الشعور بالمسؤولية وعززها باب الحوار المفتوح وقوى عزيمتها الترحيب والتشجيع من قبل أصحاب القرار بكل نقد بناء يراد من خلاله بقاء هذا الوطن كما يريده عالمنا الإسلامي كله منبع التميز وأرض الخير والبناء وقبلة المسلم التي إليها يتوجه ومنها يتعلم وفيها يجد الطمأنينة والسكينة بعد طول العناء والترحال الفكري والأسري والنفسي، واسألوا إن شئتم إخواننا الذين عصرتهم الأيام وتقلبوا في البلاد حتى المشيب وكانت لهم في هذه البلاد المباركة إقامة واستقرار، إن المرأة في بلادنا رمز للشرف وقيمة للطهر وعنوان للعفاف وعرين للسكن والاستقرار وأي لبيب عرف وخبر يرضى لفكره بأن يقف على أرضية غربية خاصة في موضوع المرأة!! والأدهى ولأمر أنه يعتقد ويدعي بأن هذا هو الطريق الصحيح لتحقيق المصلحة الوطنية الآنية والمستقبلية!! ودمتم متميزاً وعزيزاً أيها الوطن المبارك.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد