الإرهاب -وإن تعددت مظاهره، وتجانست أهدافه- لا يزال حوله شيء من القصور في الفهم والتعريف، فقد طغى الإرهاب الأيديولوجي والديني على الإرهاب السياسي، بحيث أصبحت الكلمة المرادفة لهذا المصطلح لدى الكثيرين هي إما الدين أو المذهب أو الميليشيا، وبقي الجانب الآخر من هذه الظاهرة الذي لا يزال مستتراً وكامناً تحت مظلة السياسة المعتمدة للدول، ونعني بذلك إرهاب الدولة والكيان، فما تقوم به إسرائيل من ذبح وقتل يومي في قطاع غزة، وما قامت به في الأعوام السابقة من مجازر طالت المدنيين على مر السنين، لا يمكن لمن أوتي العقل إلا أن يصفه بالإرهاب، حتى وإن تعددت مبرراته وكثرت شروحاته وتعليلاته, فالإسرائيليون -وعلى بشاعة ما يقومون به في تعاملهم مع الشعب الفلسطيني المحتل- لا يجدون ضيراً في طرح مبرراتهم الواهية، التي لا تقل قتامة وإجراماً عن مبررات آفة الإرهاب الأيديولوجي.
لا يختلف اثنان أن إرهاب الدولة هو من أخطر وأبشع صنوف الإرهاب المعاصر؛ ذلك أن منفذيه يملكون الإمكانات المادية على البطش بمن أمامهم سواء عبر أسلحة متطورة كالقنابل الفسفورية الإسرائيلية أو من خلال إطلاق الميديا الإعلامية لأجل خلق المبررات والتعتيم على الممارسات الوحشية، ولعل العدوان على غزة وطريقة الطرح والتعامل الإسرائيلية معه خير دليل على ذلك.
لقد آن الآوان لفضح الإرهاب السياسي الذي تمارسه دول الاحتلال ضد المدنيين الساعين للحصول على حقوقهم التاريخية والوطنية، وفي مقدمة هذه الدول الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر رائداً في هذا المجال وسجله حافل بالكثير من الممارسات الإرهابية، التي تحول الحجر المقاوم إلى إرهاب، وتقلب مشروعية المقاومة -عبر أحلافها ودعاءاتها- إلى ما تسميه بالمنظمات الإرهابية، ضاربة بعرض الحائط كل مفاهيم الحق والواقع, ومكيفة الأمور بشكل يخدم مصالحها الاحتلالية، بل والإرهابية حتى وإن كان ذلك بطريقة بلهاء تجرح الذكاء.