يأتي تعريف السياسة, على النحو الآتي: (إنها فن إدارة الممكن) وهي تأتي بهذه المفردات البسيطة والقليلة كأفضل جملة يمكن أن تقال في هذا السياق, وكأفضل معنى يمكن يتلقاه طلبة السياسة في الجامعات, وكأفضل نصيحة يمكن أن تقال للأحزاب السياسية العربية - الإسلامية التي ما زالت تتعامل بسياسات الانفعالات اللحظية الخالية من أي مضمون إستراتيجي أو رؤية بعيدة المدى.
عندما تتعامل ب: فن إدارة الممكن, تكون من أعظم السياسيين, وأحكم العرب, وأقوى الناس, ولن تعرف أن تتعامل مع (الممكن) إلا عندما تعرف حدوده بشكل صحيح سواء على مستوى الإمكانات, أو على مستوى البشر, أو على مستوى الأرض.
إن (إدارة الممكن) فن, ليس فيه للشعارات البراقة مكان, وليس فيه للانفعالات التعبوية أي وجود, إنها إدارة الوضع في ضوء الإمكانات والخروج بالحالة الراهنة إلى بر الأمان, وجني المكاسب لاحقاً, و(إدارة الممكن) بهذه الطريقة لا تعني الخضوع ولا والانهزامية ولا الرضوخ, إنها لحظات متوالية من المكاسب الصغيرة والحفاظ على النوع وتجنب الصراعات التي تؤدي إلى الفناء.
عندما أخطأت طالبان في إدارة الممكن, مسحت من خارطة العالم, وعندما فشل هتلر في إدارة الممكن غابت عنه الشمس, وعندما أراد عبد الناصر أن يرمي إسرائيل خلف البحر, فوجئ بها تلتهم جزءاً من مصر, وعندما أخطأ القذافي التقدير جاءه الصاروخ حتى غرفة نومه.
وحدهم الساسة العظام الذين (أداروا الممكن) بفعالية, فحققوا آمال شعوبهم وحافظوا على مواطنيهم وحرَّروا أرضهم, إنهم القادة الذين لا ينساهم التاريخ أبداً: الملك عبد العزيز, غاندي, ديجول.