شكراً لخادم الحرمين الشريفين على ما صرح به لصحيفة (السياسة) من الشفافية بكل صدق وأمانة كعادته عن وضع المملكة الاقتصادي؛ ما طمأن أبناء هذا الوطن على أوضاعهم الاقتصادية في مملكتنا الغالية وقد كان هذا التصريح الذي أتى من رأس الدولة الرد الشافي لكل مواطن.
وقد انعكس هذا القول في التطبيق عملياً بإصدار أعلى ميزانية للدولة في أصعب وأقسى الظروف الاقتصادية العالمية. حيث شملت هذه الميزانية المخصصة في عهد خادم الحرمين الشريفين العديد من المشروعات الجامعية والتعليمية والخدمية والصحية أكثر مما كانت عليه في السابق، ونأمل من العاملين على هذه الميزانية صرفها بكل سرعة ودقة وإخلاص، وأن يوفقوا لتنفيذها بما فيه الخير للوطن وللمواطن وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله -.
ولكي يتحسن الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه صغار المستثمرين في سوق الأسهم الذي تكرم خادم الحرمين الشريفين بطرح أسهم بعض الشركات الحكومية مثل (معادن) لكي ينتفع منها جميع المواطنين؛ إلا أنه وللأسف تم تقييم سهم هذه الشركة بسعر أعلى من التقييم العادل مما أدى إلى إلحاق خسائر كبيرة بالمواطنين، حيث أصبح المواطن يبيعها بأقل من نصف سعر الإصدار وسبب ذلك أن تقييم هذه الشركة كان مبالغاً فيه عند إصداره للمواطنين، وبما أن معادن شركة حكومية فإن من المؤكد أن خادم الحرمين الشريفين كان يهدف عندما وافق على طرح أسهم هذه الشركة للمواطنين إلى منفعة المواطن ولكن مع الأسف الشديد فإن المقيّمين بالغوا في تسعيرها، مما أدى إلى أن يصبح الفرق في الوقت الحاضر ما يزيد على أحد عشر بليون ريال، دفعت من المواطنين وأضيفت ربحاً لهذه الشركة.
إن تقييم إصدار الأسهم بشكل عام يتم من قبل هيئة سوق المال إلا أن هناك بعض الملاحظات عليه ولا محل للدخول في تفاصيله الآن، ولكن اقترح بأن تعطي هيئة سوق المال الإيضاح الكامل للمواطنين عن كيفية تقييم أي شركة ترغب في إصدار أسهمها في السوق قبل إصدارها حتى تمكن المواطن من الاختيار الواضح في شراء السهم من عدمه.
إن تقييم بعض الشركات من قبل هيئة سوق المال تم استناداً لحجم مبيعاتها وأرباحها وليس لقيمة موجوداتها الثابتة التي يجب أن تتوافر لدى أي شركة ترغب في طرح أسهمها بحيث تشكل جزءاً من أموالها كمنشآت أو عقارات أو غيرها وتعيد بها جزءا من قيمة السهم لمالكه، إذا ما منيت الشركة - لا قدر الله - بخسائر فإنه يبقى للمساهم شيء من قيمة أسهمه.
إن ما يحتاج إليه سوق الأسهم الآن:
1- ضرورة إيجاد حل لوضع شركة معادن وهو أن تعرض الدولة سعر البيع لشراء أسهمها ومن ثم يجري إعادة تقييمها بقيمة عادلة ومن ثم إصدارها للمواطنين بأسعار معقولة أو إعادة تملكها للدولة من جديد.
2- دعم مؤسسة النقد للبنوك حتى تستطيع إقراض المواطنين والشركات وخصوصاً شركات المقاولات التي تحتاج لهذا التمويل لتنفيذ مشروعات الدولة على اختلاف أنواعها وأحجامها.
3- خفض سعر عمولات البنوك حيث إن مؤسسة النقد خفضت العمولات ولكن للأسف استفادت منها البنوك، حيث زاد سعر الاقتراض مما شكل صعوبات على الشركات والمواطنين عند الحصول على القروض لتمويل جميع أنواع المشاريع؛ ما يستدعي تحديد عمولات البنوك بشكل مقبول حتى يستفيد منها رجال الأعمال والشركات والمواطنون جميعاً.
4- إنشاء صندوق توازن للسوق المالية يشتري الأسهم عندما تنخفض انخفاضاً مخيفاً (أقل من القيمة الدفترية أو أقل من سعر الإصدار) ويبيعها عندما يرتفع السوق تدريجياً وأعتقد أن نتائج هذا الصندوق ستكون مربحة وبالتأكيد أفضل من الاستثمارات الخارجية وأكثر أماناً ولأنها ستحقق المنفعة للوطن والمواطن وخاصة أن معظم شركاتنا ذات ربحية جيدة - ولله الحمد -.
لقد سمعت وللأسف في أحد الاجتماعات من بعض من يدعون بالاقتصاديين بأن الدولة يجب أن لا تتدخل في السوق؛ فقلنا لهؤلاء انظروا ماذا فعلت الدول المتقدمة وفي مقدمتها أمريكا الدولة الرأسمالية التي تجاوزت كل الاعتبارات وكذلك فعل الاتحاد الأوربي والصين الشعبية والكويت وعمان وكثير من الدول التي قامت بتخصيص مئات البلايين بل الترليونات لشراء أسهم الشركات والبنوك وإعطاء القروض الميسرة لتنشيط الاقتصاد وتقليل نسبة البطالة ولو لم تتدخل هذه الدول لكانت الكارثة أكبر بكثير فكان هذا الرد جواباً مفحماً لهؤلاء الاقتصاديين الذين يبدو أنهم غير مطلعين على ما حدث في تلك الدول.
يجب أن نعرف دائماً أن الدولة هي الملاذ الوحيد للشعب والسند الأساسي للاقتصاد في أوقات الأزمات.
إني أرجو من القائمين على إدارة الاقتصاد في هذا البلد التفكير ملياً وجدياً بما تم عرضه في هذا المقال المتواضع.