الجزيرة - عبدالرحمن الدخيل
أكد الدكتور عبدالله السعود مدير عام المتحف الوطني بالرياض أن المعرض الدوري المشترك لآثار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المزمع انعقاده في أواخر محرم تحت رعاية أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يأتي تجسيداً للوحدة الحضارية بين دول المجلس التي ترتبط منذ القدم بروابط مشتركة وقواسم كثيرة في إطار التنوع الثقافي.
وأبان أن فكرة المعرض نبعت أساساً من اجتماعات وكلاء الآثار والمتاحف لدول المجلس الذين ارتأوا ضرورة أن يكون هناك معرض يجسد الوحدة الحضارية، فأقيم المعرض الأول في الفجيرة بدولة الإمارات، وطلبت المملكة استضافة المعرض الثاني الذي سيقام حالياً في المتحف الوطني بالرياض تحت عنوان (وحدة حضارية وتنوع ثقافي).
وأشار إلى أن المعرض له أهمية كبرى، فهو يوثق للكيان الواحد والترابط التاريخي لدول مجلس التعاون منذ عصور ما قبل التاريخ حتى وقتنا الحاضر، مبيناً أن المعرض قُسم إلى أربعة أقسام رئيسة، الأول: فترة ما قبل التاريخ وهي فترة تمتد زمنياً من مليون سنة إلى ستة آلاف سنة من الوقت الحاضر، ويتم فيها عرض قطع أثرية من دول المجلس في خزائن عرض مشتركة بحكم أنها تمثل فترة زمنية واحدة مع الإشارة إلى الدول صاحبة القطع، والثاني: فترة فجر الحضارات وهي فترة تمتد من الألف السادس تقريباً قبل الميلاد إلى الألف الثالث قبل الميلاد، الثالث: فترات ما قبل الإسلام، وهي من الألف الثاني قبل الميلاد إلى المئة الميلادية تقريباً، وهذه فترة طويلة قامت فيها حضارات متعددة في دول المجلس بأسماء مختلفة، وتسمى فترة الممالك العربية، ثم الفترة الرابعة وهي فترة الإسلام من القرن السادس الميلادي إلى الفترة العثمانية تقريباً.
وأوضح مدير المتحف الوطني أن المعرض سيقام في قاعة العروض المؤقتة بالمتحف الوطني، وهي قاعة مخصصة للعروض والمعارض المستضافة من الخارج أو المحلية، وأنه سيعرض في المعرض نحو 700 قطعة أثرية متنوعة شاملة الفترات الأربع تخص دول المجلس بواقع 100 إلى 120 قطعة لكل دولة، بحيث تمثل هذه القطع التسلسل الزمني والتاريخي وفق الفترات المحددة.
وضرب الدكتور السعود أمثلة لهذه القطع الهامة قائلاً: (ومن أمثلة القطع التي ستعرضها المملكة مكعب تيماء وهو مكعب منقوش يشير لعصور ما قبل الإسلام ويرجع للقرن الثامن قبل الميلاد وهناك كذلك أوان فخارية مزججة إسلامية ترجع للفترة العباسية، وكما ستُعرض قطع حجرية وسهام ترجع للعصر الحجري، وغير ذلك لأنواع أخرى متعددة، وهي قطع لها أهمية كبرى من الناحية التاريخية، إذ إن القطعة التي توجد في موقع اثري تمثل قيمة هامة في ربط الموقع بالفترة التاريخية والزمنية المحددة التي وُجد فيها).
ولفت إلى أن المعرض سيتنقل كل سنتين من دولة خليجية إلى أخرى لعرض القطع في مختلف دول المجلس على حسب تصميم وإبداعات كل دولة من دول المجلس، ملمحاً إلى أنه سيشارك في المعرض عارضان من كل دولة طوال فترة إقامة المعرض، للشرح للزوار عن القطع، إذ سيكون هناك عرض مشترك، وسيتولى كل عارض شرح فترة معينة من الفترات الأربع التي يضمها المعرض وبيان الوحدة الوطنية التي تجمع الدول الخليجية كما سيوجد مركز إعلامي للمعرض.
وأكد الدكتور عبدالله السعود أن الاستعداد للمعرض بدأ مبكراً، إذ نعمل منذ بدء العام 1429هـ على التجهيز والإعداد للمعرض، وتجهيز أدواته كالكتالوج والدليل والمادة العلمية والصور والخرائط وكذلك إعداد السيناريو وكيفية العرض.
وتوقع السعود أن يلبي المعرض طموحات المهتمين والمواطنين، وان يشهد المعرض إقبالاً كبيراً من المواطنين والمقيمين، موضحاً أن الهدف الرئيسي من المعرض ليس فقط العرض الفني لقطع أثرية بل تعريف المواطنين والمقيمين بالعمق التاريخي والحضاري لمنطقة الخليج الذي تبرزه هذه القطع من مليون عام حتى الماضي القريب، خاصة في ظل عدم الوعي الكافي من قبل المواطنين بتاريخ المنطقة، (إذ من حقهم أن يتعرفوا على تاريخ منطقتهم والجوانب الثقافية والحضارية الخاصة بها، فهذا المعرض يمثل نقطة ضوء بالنسبة لمواطني المجلس وشد الانتباه إلى أن هناك ما يستحق التعرف عليه من قبلهم، فهناك حضارة عظيمة موجودة يفاخر بها كل خليجي لكن تحتاج إلى الإبراز، ولما أُقر هذا المعرض من قبل المسؤولين والوزراء المعنيين بالآثار والثقافة في دول المجلس كان الهدف منه إبراز حضارة المنطقة وآثارها).