لم تكن المعادلة ولن تكون عادلة، في شأن عدوان إسرائيل القائم منذ أسبوعين ونيف على غزة الصامدة المقاومة في جلد، وصدق وفداء.. لكن المتفكر في أمر هذا العدوان, سوف يدرك كثيراً من الحِكَم التي تنجلي من ورائه.., وتتشكّل في قدرة الله العظيم على تبديل مواقف البشرية, في شتى أنحاء الكرة الأرضية من الولاء لإسرائيل، والدفاع عن حقها في العيش فوق أراضي فلسطين، جعلتهم عارفين بحجم قسوتها وتمردها وخروجها عن المنطق، والعدل والحق والقانون، بل تجاوز كل ذلك إلى الأوَّليات في الأخلاق، ثم تحديداً في أخلاق الحرب، بل في الاعتداء عند الظلمة الواعين، أما هؤلاء فهم ظلمة مجانين فاقدون لأدق خيوط العقل عند النظر في تركيبة أنسجة عقولهم العسكرية والسياسية والحربية، وفي تكوينهم النفسي.., ولو دفعت فلسطين عمراً يفوق زمن هذا الاعتداء عليها، وافتدت قضيتها بأكثر من الشهداء الذين قدمتهم والمنكوبين والمجروحين لما تحققت لها هذه الوقفة البشرية العالمية التي من بين أفرادها حاخامات مزَّق بعضهم جواز سفره الإسرائيلي, وناهض بعضهم أبناء جلدته، وفيهم رجال كانوا بالأمس لسان منافحة عنها هذه الإسرائيل، ثم كل أولئك الواقفين مع فلسطين من ساسة وعسكريين وقادة ونساء ورجال خرجوا على قلب إنسان واحد بمختلف ألوانهم، وتعدّد جنسياتهم، وتباعد مواقعهم ليشهدوا لفلسطين.., وفي هذه الوقفة أيضاً خرجت الوثائق المخبأة التي تبسط الاتفاقات بين دول الغرب قبل أربعة وثمانين عاماً منذ وعد اليهود بوطن يقلهم, وحيث غدوا بالدعم الفاحش في دلاله يملكون هذه السطوة حتى على صانعيها الذين علموهم الرماية ففضحوهم برمايتها، بمثل ما أسفرت عنه وسائل العدوان السافر بكل قيمهم الهشة وشعاراتهم الباطلة..., انقلب المجن على ظهره ونطق الحق واستيقظ القانون وحقوق الإنسان والدم البارد وكل الجهات لك فلسطين الصمود والنصر..

ربَّ ضارة نافعة والجنة بلا شك، مهرها غال.. وغال جداً.. وها أنتم تقدّمونه وتعدون له.. فليزدكم الله صبراً وليكافئكم أجراً.