عداوة اليهود للمسلمين عداوة متأصلة عرفها التأريخ عبر القرون الماضية. وفي عصر صدر الإسلام منذ أن نزل الوحي على المصطفى - صلى الله عليه وسلم- ولا تزال عداوتهم الشرسة تدك معاقل المسلمين إلى يومنا هذا، وخير شاهد على ذلك ما يجري في غزة اليوم من القتل والدمار..
.. وشن الغارات الجوية والبرية على أرض فلسطين مسرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلا هوادة، دون اعتبار لأي قرارات أو اتفاقيات أو حقوق إنسان. وهذا يدل على غطرسة اليهود وخيانة العهود والمواثيق. فلا يؤمن جانبهم أهل غدر وإفساد فضحهم الله في كتابه وكشف عن شدة عداوتهم في قوله سبحانه: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ}.(82) سورة المائدة. وكشف عن خططهم ومزاعمهم وأهدافهم؛ إذ يقول سبحانه: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (120) سورة البقرة.
وقد وعد الله عباده بالنصر المبين في أكثر من آية كما قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وقوله سبحانه: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، وقوله تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ}. وهذا مما يبعث الأمل في نفوس المسلمين عامة وشعب غزة خاصة، فالله لا يخلف الميعاد. فأبشروا يا أهل غزة بما وعدكم ربكم فإن مع العسر يسرا فأنتم الأعلون بإذن الله. والله مهلك عدوه عاجلاً أم آجلاً، لأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وتذكروا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.تذكروا ما كان منهم زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه من بعده من الإيذاء ونقض العهود والمواثيق، فوجد المسلمون من اليهود أشد المعاناة فصبروا حتى جاءهم الفرج والنصر من عند الله فأمكن الله منهم وردوا على أعقابهم صاغرين {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
يا أهل غزة: إن قوتكم تكمن في قوة إيمانكم ووحدتكم واجتماع كلمتكم فليست العبرة بالعدة والعتاد وإنما بالصدق مع الله في القول والعمل والاعتقاد. وما أصاب الأمة من وهن وضعف إنما هو بسبب تفرقها وتحزبها والشقاق وعدم الوفاق. فلا بد من عمل مخلص جاد تتوحد فيه كلمة العباد، ويتحقق للمسلمين ما وعدهم ربهم من العزة والتمكين.
فما أكثر الشدائد التي تمر بالمسلمين اليوم، ومع صبرهم وقوة عزيمتهم يجعل الله لهم من كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية. والتاريخ يشهد لذلك، فلن يُغلب المسلمون اليوم من قلة والله على نصرهم لقدير.
يا أهل غزة وأنتم تعيشون هذه اللحظات الحرجة مع عدوكم اللدود الذي أعلن عداوته للإسلام والمسلمين ثقوا بنصر الله لكم فإن غربة الإسلام تزداد في آخر الزمان فطوبى للغرباء. لقد آن الأوان أن يفكر المسلمون في حاضرهم ومستقبلهم حين غفل كثير منهم عن حل قضايا الأمة ومشكلاتها المعاصرة مما سبب فجوة كبرى لأعدائهم استطاعوا من خلالها أن ينشروا الرعب والفوضى والاضطراب في صفوف المسلمين، وعاثوا في الأرض فساداً.
إن تاريخ اليهود المظلم مليء بالأحقاد وظلم العباد، ومهما طال الزمان أو قصر فإن النصر قريب بإذن الله. فلا تيأسوا ولا تحزنوا لما أصابكم فأنتم الأعلون كما وعدكم الله. فهذه بشائر النصر قد بدأت تفوح من أرض غزة بفضل الله ثم بفضل ثباتكم وصبركم ودعاء إخوانكم المسلمين لكم في كل مكان.
نعم: إنه حدث عظيم وخطب جلل يهز كيان الأمة كيف لا وقد سكبت دماء الشهداء والجرحى على أرض فلسطين، ولكن عزاءنا في وعد الله عباده بالنصر المبين.
فاللهم وعدك الحق إنك لا تخلف الميعاد. اللهم فرِّج همهم ونفِّس كربهم وخذ بأيديهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل لهم بعد الضعف قوة وبعد الذل عزة وبعد المهانة مهابة وبعد الموت شهادة إنك سميع الدعاء.
المعهد العالي للقضاء
فاكس: 2495486
للتواصل: dr-alhomoud@hotmail.com