ما نقله الطبيبان النرويجيان اللذان كانا في قطاع غزة خلال الأيام العشرة الأولى للعدوان الإسرائيلي, وما أكدا عليه من وضع إنساني متردٍّ في المستشفيات، الذي شبهاه (بجحيم دانتي)؛ حيث يعاني الفلسطينيون من شح المواد الطبية والإمكانات الضرورية للعمل الطبي، وانقطاع التيار الكهربائي, يؤكد ضرورة خلق موقف عربي موحد وسريع, يساهم في لجم كباح العدو الإسرائيلي وقطع الطريق عليه وعلى مجازره ومحاولاته التهام الحقوق المشروعة وإنهاء عظم المقاومة الفلسطينية. في الوضع الحالي الذي يعتبر من أخطر الأوضاع التي تمر بها الأمة العربية يتطلب من العرب الجهد الكثير لأجل أولاً توحيد وجهة نظرهم حول بعض الأوليات إن جاز التعبير (مثال ذلك وجهة النظر القطرية والمصرية)، فما تطرحه قطر وما تتضمنه بنود المبادرة المصرية به الكثير مما يجمع ولا يفرق, سواء عقدت القمة العربية في الكويت أو الدوحة, وما أكدت عليه قمة الرياض الخليجية بدعوة مسؤولة من خادم الحرمين الشريفين, وهناك القمة الاقتصادية في الكويت, وغيرها من الطروحات والاجتهادات العربية التي تحاول رفع الجسد الفلسطيني الملقى بغزة من على الأرض, وهو جهد محمود من الأطراف العربية حسب وجهات نظر كل طرف, ولكن المنشود بعد كل هذا الركض هو الوصول إلى القدر الأكبر من الاتفاق والتنسيق لأجل خلق جبهة واحدة تنظر إلى عين الخصم بوجه واحد وعين واحدة وكلمة واحدة, وتبطل مفعول المثل الدارج الذي يقول (اتفق العرب على ألا يتفقوا)!! لما له من دور سلبي على مسارات الفهم والمعنويات حتى على المستوى الشعبي على مر السنين القادمة.
يجب على العرب وفي هذا الظرف الحساس أن يجنحوا إلى صوت العقل والوحدة, الذي شاهدنا فيما سبق كيف كان فعالاً في مجلس الأمن وكيف انتزعوا من خلاله القرار 1860 من فك إسرائيل وحلفائها, فمتى ما توحد العرب كان لهم القول الفصل، ومتى ما لعبت بهم الأهواء والخلافات والمزايدات التي وللأسف الشديد أخرت المسيرة العربية كثيراً, كان الضحية الأولى قضاياهم العادلة، وقبل ذلك وحدة مصيرهم التي باتت بحاجة إلى المزيد من الالتفاف والتعقل من بعض الأطراف العربية, والذي يجب أن يكون الهدف الذي يسعى إليه الجميع هو لجم العدوان الوحشي الإسرائيلي على أهل غزة وإلغاء الحصار الجائر مع التأكيد على الفتح الدائم للمعابر التي تربط قطاع غزة بالخارج لإلغاء أي محاولة إسرائيلية لتجويع أهل غزة وحرمانه من العلاج والحياة الكريمة.