بالقرب من أحد السواحل الصخرية كان يعيش رجل مسكين امتهن إشعال منارة الشاطئ، وكانت السلطات تمده بما يكفي من الوقود شهرياً للإبقاء على ضوء المنارة منيراً وقد كان الرجل ذا علاقات كثيرة ومحبوباً من الجميع وفي ذات يوم زارته عجوز من إحدى القرى المجاورة وطلبت منه شيئاً من الوقود لتستعين به على طبخ طعام أسرتها فأعطاها قليلاً منه ولم يلبث أن زاره صديق قديم طالباً شيئاً من الوقود فأعطاه ثم طلبه ثالث احتاج إلى شيء من الزيت لعجلته، وحيث إن تلك الطلبات بدت له معقولة فلم يرد أحداً خاوي الوفاض، وبعد أن أوشك الشهر على الانتهاء، كم كانت دهشته كبيرة عندما تفاجأ أن المتبقي من الزيت قليلاً جداً، حيث ما لبث أن نفد، ومعه انطفأ فجأة ضوء المنارة، وحدثت الكارثة في تلك الليلة، حيث عم الظلام على الشاطئ مما سبب غرق سفن عديدة، وموت الكثير من الناس، وعند التحقيق معه عن السبب أبدى ندماً على ما حدث، ولم تشفع له اعتذاراته المتكررة وتوسله وتبريراته فقد كان جواب المحققين معه هو: (أعطيناك الوقود لتبقي المنارة مضيئة).

* تذكر أخي القارئ أن الغبش في الرؤية وعدم وضوح الأولويات وعدم حضورها في كل لحظة من حياتك سيجعلك تخطئ الطريق.