Al Jazirah NewsPaper Friday  16/01/2009 G Issue 13259
الجمعة 19 محرم 1430   العدد  13259
بأقلامهم
إلى أبي الذي رباني..!

 

قالت فتاة في العشرين من عمرها معرفة بنفسها وقد ظننتها في البداية مازحة: لدي 4 أطفال أحدهما في المرحلة الابتدائية وأريد أن أبحث له عن مدرسة مناسبة له.. تتفهم وضعه.. شعرت من خلال آخر كلمة قالتها.. أن لديها هماً تحمله.. فتركت لها المجال لتتابع، ثم قالت: وقد خنقتها عبرتها إني خائفة جداً فمنذ بدأت رحلة حياتي الزوجية التي أقدمت عليها فرحة سعيدة لأتحرر من زوجة أبي فلم أكن في بيت أهلي طفلة مدللة بل منذ صغري وأنا أشعر بأني امرأة مكلفة بالبيت وبالأطفال (إخوتي) الذين لم أمنح الفرصة لأحبهم لأني كنت كالخادمة في بيت أبي !!.. وتتابع قائلة: فرحت فرحاً لا يوصف عندما طلبت للزواج من أحد أقاربي.. ظناً مني بأني سأصبح سيدة.. ملكة في بيت زوجي.. وفعلاً تحقق لي ما أردت، وخلال أسبوعين فقط...!!

وما لبثت تلك الطفلة (المرأة) بالتجربة إلا ووجدت نفسها عند طفل آخر زوج بالتجربة أيضا يكبرها ب (عام واحد) ولم تعرف المسكينة.. في أول حياتها أنها كبش فداء.. وأن من تزوجته ليحقق حلمها.. كان شاباً ضائعاً فاسداً.. وأراد أهله إصلاحه بتزويجه لعله يصبح رجلاً وأباً وينتبه لنفسه، وما هي إلا شهور وقدم الضحية الثانية (الطفل الأول) لهما ثم التالي فالتالي لتكتشف تلك الباحثة عن السعادة أنها هربت من سجن لتغمر في سجن أعمق وأوحش... ففي بيت والدها كانت تعيش على أمل والحياة السعيدة بالنسبة لها حلم قابل للتحقق.. أما الآن فتريد أن تهرب من واقع مر لكن ليس لوحدها وإنما مع ثلاثة من البشر.. يتشبثون بتلابيبها.. وقلبها يتفطر عليهم..

تقول: كل ليلة اختبئ وأخبئ أطفالاً في ردائي واحتضنهم بكل ما أمتلك من قوة ولو أمتلك لأجعلهم يشعرون بالأمن والسعادة الحقيقية لفعلت.. لكن أفعال أبيهم المشينة تجعلهم يطأطئون رؤوسهم استحياء وألماً.. ثم انهارت باكية..

إنها رحلة الحرمان.. نسأل الله أن يقيض لها من يخافه فيها.. لقد حاولت أن تنتشل أبناءها من واقعهم المر.. إلى ما هو أفضل بقليل.. ففرت إلى من هو ملاذها بعد الله.. أبيها وزوجته.. ترجوهم أن تبقى بصحبة أطفالها عندهم ولو بالأجرة.. فكان ردهم أقسى من الحجر.. (ليس عندنا مكان لهم أما أنت فسنتحملك)..

إنني أتساءل: أي ذنب جنته تلك المسكينة، وأي حياة كريمة يرجوها هذا الأب وزوجته، ألستم معي بأن لأبنائنا حق الحب والرعاية والعيش بكرامة وضمهم صغاراً واحتوائهم كبار.. أيها الرجل ؟!

هل زوجتك ستحمل وزرك يوم ضعفك وحاجتك لرضا ربك ؟!! هل غررنا بالدنيا حتى أصبحنا بشراً بلا قلوب.. فلنتأمل حالنا ونراجع حساباتنا ونخضع أنفسنا لاختبار بشري نرى من خلاله كيف هي قلوبنا وكيف هي تعاملاتنا مع الآخرين وخاصة من لهم حق علينا (والد - والدة - ابن - ابنة - أخت - أخ - جد - جدة...) هل أحد منهم ضعيف أوله وضع خاص مريض أو سقيم أو يتيم.. ورزقك الله بأن جعل حاجة عندك ليختبرك.. فإن أحسنت إليه فالله يحب المحسنين وأجورهم عند الله مضاعفة وإن أساءت فترقت حالك بعد حين (وما ربك بغافل عما تعملون) والدنيا دوارة..

هيا الدكان



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد