أكاد أجزم أن هذا الموضوع من أكثر المواضيع حيوية بين الجنسين خصوصاً الزوجين، وكم نرى كيف يحتدم النقاش بين الرجال والنساء في تحديد المسؤول عن هذه المصيبة ومن يشار إليه بأصابع الاتهام عندما تقع؟ وبالطبع دائماً كل جنس ينتصر لبني جنسه، ثم تختم النقاشات وكل مقتنع بما لديه وهذه علامة الحياد والموضوعية!!
وأنا أيضاً واحد من الرجال ولو أكتب عن هذا الأمر ربما سندور في نفس الدائرة المفرغة؛ لذلك أحببت أن لا أتكلم بلساني وإنما بلسانهم، ولا أكتب بقلمي وإنما بأقلامهم وما أنا إلا أرقب عن كثب، وأنظر من بعد، وكنت كمن ينظر بالمجهر فوق الجزيئات الصغيرة.
يذكر النساء أن من أسباب الطلاق في السنوات الخمس الأولى (فرض الرأي عند الزوج)، و(انعدام الحوار) كما جاء الأخير في إحصائية حول أسباب الطلاق في السعودية.
بينما ذكر الرجال أن (المرأة المتمردة) - وهي التي دائماً تشتكي من وضع زوجها - و(المرأة المتملكة) - وهي التي تغار من كل إنسان يقرب من زوجها ولو كان صديقه - و(المرأة الغيورة) - وهي التي تشك في زوجها لأدنى اشتباه - من أكبر تسعة أسباب تدمر الحياة الزوجية.
واشترك الرجال والنساء بأن المطالبة بكمال شخصية الزوج أو الزوجة يعتبر من أكبر أبواب الطلاق!
كل ما سبق يدور حول غياب نقطة واحدة عن البيوت الزوجية، تلكم هي الرحمة والمودة.
أيها اللبيب: في آية واحدة جمع الله بين المودة والرحمة في العلاقة الزوجية فقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم، وكأن الله يبين لنا بوضوح بأنه لا بد من الأمرين معاً فلا تكفي مودة بلا رحمة أبداً!
ومع عمود العلاقة الزوجية - الرحمة - أقف وقفات:
1- ربما تغيب الرحمة من قلوب بعض الرجال غياباً كاملاً فيضرب ويشتم ويستخف بزوجته و.. و.. حتى تصل رحلة الحياة إلى طريق مسدود لا يمكن معها المسير وهذا موجود لكن بنسب ضعيفة فيما أعتقد، بينما الكثير تضعف في قلبه الرحمة غير أنها لا تنطفئ فيمارس صنوفاً من القسوة الضمنية فهو يضرب بلا عصا ويجلد بلا سوط بل بأسلوب حياته فالذي يفرض رأيه، أو ينشد الكمال في صاحبه فلا يرضاه كما هو، أو التي تكثر المطالبة بالكماليات - هم في الحقيقة - لا يرحمون!
2- تكون القسوة بالفعل تارة وبترك الرحمة في أحيان أخرى فالذي لا يُسْمِع زوجته الثناء الطيب، أو الذي لا يتحدث معها، أو لا يصبر على زوجته في أيام دورتها أو أثناء حملها، وكذلك المرأة التي لا تعتني بجمالها، أو لا تهتم بلباسها، أو لا تترك زوجها يمارس علاقاته الاجتماعية بهدوء أولئك القساة الصامتون!!
إن من أصعب الأمور قسوة من يحبك وهو لا يشعر أنه يقسو؟! ألا ترون ما يكون من المرأة الغيورة والمتملكة!؟ وصدق الله.
محمد عبدالله العبدالهادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
aboanus@hotmail.com