منذ أن بدأ الغزو العدواني الآثم على غزة وقفت المملكة وقفة الأخوة والشرف مع أبناء وشعب فلسطين المظلومين.. وأثبتت بالفعل قبل القول أن المملكة مأوى أفئدة المسلمين وقبلة صلاتهم ومنبع الرسالة ومهبط الوحي لا يمكن أن تتردد يوماً في الوقوف مع المسلمين في كل ما يمر بهم من محن ومصائب.

وفلسطين الأرض المباركة وبلد الأقصى وميدان البطولات والملاحم ليست كغيرها، فقد كانت ولا زالت في الصدارة من اهتمام المملكة ودعمها منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - وفي عهود أبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله.

واليوم يقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بفكره وجاهه وعنايته وقفة الشهامة والنبل؛ فقد قرَّر - حفظه الله - تقديم ما يمكن لإخواننا في غزة وتمثَّل ذلك الدعم في أمور أهمها:

1- أمر - حفظه الله - بجسر جوي من طائرات الإخلاء لنقل الجرحى الفلسطينيين إلى مستشفيات المملكة التخصصية وغيرها كل حسب حالته.. ولا زال الجسر الجوي ينقل الجرحى ليل نهار وتقدّم لهم - ولله الحمد - الخدمات الصحية الراقية مع تكريم أهلهم وذويهم المرافقين لهم.. والطائرات ترابط في مطار العريش في مصر بانتظار خروج الجرحى من معبر رفح.

2- أمر بحملة لجمع التبرعات وتكوين لجان لذلك في جميع مناطق ومدن المملكة، وبلغ مجموع ما جمع أكثر من مائتي مليون ريال نقداً. أما المساعدات العينية من الغذاء والدواء والملابس وغيرها فقد حدّدت لها مستودعات تجميع في كل منطقة ليتم شحنها إلى غزة.

3- أمر - حفظه الله - بتسيير جسر جوي يحمل المساعدات العينية وبلغ عدد رحلات ذلك الجسر التي وصلت مطار العريش أكثر من ثنتي عشرة رحلة حملت آلاف الأطنان وتم بحمد الله إدخال معظمها إلى غزة بإشراف الهلال الأحمر السعودي.

4- تم تسيير جسر بري يحمل المساعدات العينية من أغذية وأدوية وسيارات إسعاف وتحرك منه تسع وخمسون شاحنة يوم الثلاثاء 16 محرم 1430هـ من مدينة الرياض عمرها الله بالإيمان.

5- دعت المملكة إلى مؤتمر طارئ لوزراء الصحة العرب في الرياض وعقد اجتماع عاجل لقي تجاوباً سريعاً يوم الثلاثاء 16 من محرم 1430هـ وتم فيه مناقشة مساهمة الدول العربية في تخفيف معاناة سكان غزة وتوفير الأدوية اللازمة لهم، واقترح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس الهلال الأحمر السعودي إنشاء مستشفى كبير في غزة تديره وتشرف عليه الدول العربية.

6- وأنا أكتب هذه السطور قرأت وسمعت خبر دعوة خادم الحرمين لاجتماع طارئ لقادة دول الخليج العربي لمناقشة الأوضاع في غزة واتخاذ المواقف المناسبة لها. وفَّق الله القادة لما فيه الخير وسدَّد خطاهم.

وبعد: فلم يكن ما ذكرت في الفقرات الست هو كل ما قدمته المملكة وتقدمه لأشقائها.. وأكف الضراعة ترتفع ليل نهار من مواطني المملكة والمقيمين فيها أن يرفع الله الظلم عن إخواننا ويرحم ضعفهم وينصرهم على أعدائهم.. وقادة المملكة وشعبها يعبّرون أنهم مع إخوانهم اليوم وغداً استجابة لداعي الله وأداء لواجب الأخوة والجسد الواحد.. نسأل الله تعالى أن يجزي العاملين المخلصين كل خير وثواب وأن يجمع كلمة المسلمين ويوحِّد صفوفهم وأن يشتت شمل عدوهم ويرد كيده في نحره وأن يسعدنا بنصر مؤزر للمجاهدين في سبيل الله والمدافعين عن أرضهم وبلادهم وكرامتهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.