|
فيصل بن منصور بن عتيق بن غفلان الرياحي البقمي، رحل في صمت عن هذه الدنيا، رحل بالأمس القريب فجأة، بعد أن خدم وطنه وساحة المحاورة وساحة الشعر الشعبي أكثر من ثلاثين عاماً، رحل وترك فراغاً كبيراً لن يستطيع شاعر أن يسد هذا الفراغ.
|
وُلد فيصل الرياحي بمحافظة تربة وتربى في كنف عمه مهل بعد وفاة والده، ثم التحق بمدارس تربة، بعد ذلك انخرط في السلك العسكري بقطاع الحرس الملكي، ثم عاد إلى مسقط رأسه وعمل موظفاً بالشئون البلدية والقروية بتربة، ثم التحق بعد ذلك بوزارة الداخلية، حيث عين رئيساً لمركز النخال التابع لمنطقة الباحة ومازال رئيساً لمركز النخال حتى وفاته رحمه الله تعالى.
|
لم يكن فيصل الرياحي شاعراً سهلاً بل كان من كبار ساحة المحاورة، وعندما دخل ساحة المحاورة لم يكن الطريق أمامه مفروشاً بالورد بل كانت الساحة بها شعراء كبار أمثال محمد بن تويم الثبيتي ومطلق الثبيتي راعي الباكور وصياف الحربي وعبد الله المسعودي وهلال السيالي وجار الله السواط ومستور العصيمي والحساني، وغيرهم من الشعراء الكبار. لم يتسرب الخوف إلى قلبه بل دخل الساحة وهو واثق من نفسه وشعره، واستطاع خلال فترة قصيرة أن يشق طريقه وبقوة بين هؤلاء الشعراء، وأصبح من كبار الساحة بجمال أخلاقه وطيبة قلبه وابتسامته التي لا تفارق محياه.
|
ها هو فيصل الرياحي ودّعنا بالأمس القريب، بعد أن ترك لنا إرثاً شعرياً كبيراً من قصائد ومحاورات، أقل ما يقال عنها درر والماسات الرياحي.
|
فيصل الرياحي كتب القصيدة للقصيدة .. لم يكن فيصل الرياحي مبتذلاً للشعر، ولم يجعله في يوم من الأيام مطيته لتحقيق أهدافه الشخصية، بل كتب الشعر لخدمة الشعر ولثقته في شاعريته التي لا يحدها بحر أو قافية أو غرض من أغراض الشعر، قبل رحيله عنا كتب أربعة أبيات لأهل غزه يقول فيها:
|
الله أكبر الله أكبر عزه |
الله أكبر يالعدو النازي |
الله أكبر رددي يا غزه |
الله أكبر فوق كيد الغازي |
وين عز الأمه المعتزه |
أمةٍ عرجاء على المعكازي |
أرضنا وعقولنا مهتزه |
والقلوب يهزها الهزازي |
هذا قليل من كثير من قصائد العملاق وله الكثير من القصائد التي يرددها الكثير من جمهور الساحة، برز وأبدع فيصل الرياحي في شعر المحاورة واشتهر من خلالها في منطقة الخليج وله العديد من المحاورات التي هي من عيون محاورات الساحة .. وهنا نقدم بعض محاوراته:
|
- المحاورة الأولى مع الشاعر الكبير مستور العصيمي:
|
|
سلام في ليلةٍ ما مثلها فالليال |
يُقطف لها الورد ويخطط لها من سنه |
الشعر حكمة وينبع من عقول الرجال |
قالوا هل الميسرة قلنا هل الميمنه |
|
يا مرحبا يا مسلّم عدّ وبل الخيال |
من جاب له سيّةٍ محدٍ عطاه احسنه |
يا فيصل الوقت يمشي مثل مشي الجمال |
واليا لقيت الجمل قود الجمل برسنه |
|
اعيونها للجنوب وقلبها للشمال |
واللي على بالها نعلم وندري عنه |
الرجل ما يامن الدنيا على كل حال |
والمشكلة كان جاله باللسان الْسنه |
|
أحسن لك الشمس والا احسن تجي فالظلال |
ترى السبب منك يا رجال ما هو منه |
ما ينزل السوق غير اللي معه راس مال |
والبيع والمشترى والربح ما يضمنه |
- أما المساجلات الشعرية فله الكثير منها ولكن أروعها وأجملها مع الشيخ والعلامة عايض القرني.
|
|
أعتكف يا عايض القرني لحالك |
وأمعن التفكير في كل القضايا |
خل مصحفك المطهر رأس مالك |
يوم روس أموالهم حكي وزرايا |
أعتكف مدة شهر وأطلق عقالك |
ننتظر منك الملاحم والهدايا |
يا نهر جاري غرفنا من زلالك |
ما يريح النفس ويغسل الخطايا |
كل من هلل على الغبراء دعا لك |
وكل من كبّر يبلغك التحايا |
قم فأنذر، وأسمع الدنيا مقالك |
أنشر الدعوة على كل البرايا |
سكتت العالم ، تؤدي للمهالك |
ويفرحون الماكرين ، أهل الغوايا |
في غيابه يبرز الشر .. وكذلك |
يخرجون الرابضين من الزوايا |
لا تبالي ، وأحتسب فيما ينالك |
للنجاح أعداء ، وللواجب ضحايا |
أنظر إلى صبر أبن حنبل ومالك |
عبرةٍ للصابرين ، أهل البلايا |
الله أكبر يا دهر ، ماذا بقالك؟ |
من تعاجيب الليالي والخفايا |
كرر التاريخ نفسه ،، لا أبالك |
سوت الدنيا بالأبطال السوايا |
يالزمان اللي تكذّب من حكالك |
الله مابك من دهاليز ولوايا |
الله يخرجنا من أفتنك وظلالك |
غير مفتونين فيك ،، ولا خزايا |
|
البقا لك يالرياحي والوفا لك |
أنت يا مسرج إلى العليا المطايا |
أشهد إنك شاعرٍ تكفي لحالك |
في مقدمة المحافل والسرايا |
مثل (أبو الطيب) إذا ريّحت بالك |
ومثل( شوقي ) لو نويت بها نوايا |
مدحك الإسلام من أنبل خصالك |
وغضبتك للحق من حسن السجايا |
أبشر بسعدك، نحقق لك منالك |
الذخيرة فالبنادق، للرمايا |
شاعرٍ مثل القمر والليل حالك |
والقمر ما يسترونه بالغطايا |
عشت للإبداع، والجوزاء، عقالك |
والثريا في نجاحاتك، حذايا |
الله ، كم من شاعرٍ يخشى نزالك |
يا مخرّج من زواياهم خبايا |
أنت نجم سهيل، فردٍ في مجالك |
والحروف من الذهب، ماهي حكايا |
يالرياحي طيّب الرحمن فالك |
وسلمك يالكفو، من سهم المنايا |
القوافي من يمينك في شمالك |
أنت ما تحتاج للعليا وصايا |
ماحدٍ يفتي وفالأوطان مالك |
أنت بالشعبي إمامٍ في البرايا |
الجواب بنفحة العنبر، عنالك |
مثل صافي المزن من عذب الرفايا |
وأنت يالحاسد ، تأخر لا أبالك |
عن كريمٍ مسكنه بين الحنايا |
هذا هو فيصل العملاق رحل وخلد في ذاكرتنا الكثير والكثير من جماليات الأخلاق والكنوز الشعرية التي لن يمحاها الزمن.رحم الله فيصل الرياحي رحمة واسعة وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
|
|
قبل أيام قليلة من وفاته رحمه الله تعالى كنت على اتصال معه، وقد تم التنسيق معه على عمل حوار مطول عن ساحة المحاورة وهمومها واتفقنا على يوم الخميس 11-1-1430هـ ولكن كانت إرادة الله فرحل فيصل الرياحي ورحل أمل الحوار معه.
|
|