الحدث الأهم على الساحة العالمية اليوم ما يجري في غزة، والأخبار التي تحظى أكثر من غيرها بالمتابعة و من ثم التحليل والتحرير من قبل العامة قبل الخاصة والعوام مثل غيرهم هي أخبار المسلمين الذين يبادون في تلك البقعة الطاهرة الزكية أرض فلسطين الحبيبة على يدي اليهود، ومع أن الجميع منا يدينون الله في كره اليهود ويتفقون على حقدهم ويجزمون بعداواتهم لشعوب الأرض جميعاً ويؤلمهم لون الدم وإعصار الموت الذي طال كل شيء في هذا الجزء الغالي من أرض الإسراء والمعراج إلا أننا وللأسف الشديد في مجالسنا ومن خلال منتدياتنا بل وحتى ونحن على فرشنا وفي استراحاتنا نختلف في التحليل والنتيجة وربما علت أصواتنا واحتدت نقاشاتنا إزاء المحنة الإسلامية في غزة والنتيجة لاشيء!!، والممعن النظر في كل ما يقال اليوم يلحظ أن الناس في كل هذا الضجيج يفترقون إلى ثلاث شعب، فمن قائل: إن من أشعل فتيل حرب الإبادة هذه هم قادة حماس فهم من جر الفلسطينيين ومن خلفهم الأمة بأسرها إلى هذا المنعطف الخطير والنتيجة معلومة مسبقاً فالقوى ليست متكافئة والحرب ليست عادلة وكان الواجب على قادة المقاومة الصبر والانتظار والسعي الجاد لإعداد العدة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا كما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حصر بالشعب، كان الأجدى بهم ترك الحقيبة السياسية في يد غيرهم والعمل على بناء المقاومة بتأن وتؤدة حتى تنضج وتستوي على سوقها كما كان الحال أيام ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين رحمهما الله، ويظن أصحاب هذا الرأي أن ما يبثه الإعلام وما يقال في المجالس سبب قوي من أسباب إذكاء جذوة الإرهاب وربما أجج هؤلاء المتعاطفون وحركوا أشجان صغار السن وربما دفعوهم من حيث لا يشعرون للحماس غير المنضبط فخرجوا عاقدين العزم على دخول غزة بأي ثمن ومن أي طريق كما كان الحال في العراق والنتيجة خاسرة منذ البداية ولذا لا بد من التعقل زمن الفتن وحين المحن والعقل يقول خلاف ما هو على الساحة المحلية والعالمية اليوم ، وعلى النقيض هناك من يقول: إن حماس هي التي اقتيدت جبراً إلى هذا المستنقع الآسن من أجل أن توأد، ووصولها إلى سدة الحكم كان عن طريق الديمقراطية التي أرادها وسوقها الغرب في منطقة الشرق الأوسط، والزمن القادم على العرب والمسلمين أصعب واللون الأحمر لن يكون حكراً على الفلسطينيين بل الدولة العبرية من الفرات إلى النيل ويكفي أن نقرأ التاريخ لنعرف ماذا سيكون كما يريده اليهود وكما يخططون له ولكن الأمر كله لله ويمكرون ويمكر الله، ويكفي أن تقرأ ما قالته المرجعية الدينية لأولمرت السبت الماضي ونشرت ترجمته جريدة الوطن في صفحتها الأولى لتعرف على من ستكون الدائرة غداً إنهم انتصروا في غزة، ولذا فالواجب الشّد على أيدي إخواننا الفلسطينيين هناك وعدم خذلانهم في هذه المعركة الدامية والهمز واللمز بهم وهم من يدافع عن دين الله وعن الأرض والعرض وليس أمامهم طريق سوى المواجهة (الموت أو النصر)، أم الصبر والانتظار وهم يبادون فلا يمكن خاصة بعد الحصار القاتل والضغط الكبير الذي كان عليهم في غضون الأشهر القليلة الماضية، وهناك فئة ثالثة يفضلون السكوت فهم على قناعة تامة بأن الوقت ليس وقت جدل ولا عتاب والواجب الدعاء لهم ومد يد العون المادي والمعنوي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ومن لا يستطع خيلا ولا ركابا فليحفظ لسانه، وما أروع ما قاله معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد في ثنايا خطبة الجمعة الماضية بالمسجد الحرام: (إنه ليس من مصلحة قضية فلسطين ولا كل قضايا الأمة هذا التفرق وهذا الاختلاف... يجب التوقف عن اللوم والتلاوم والمزايدات التي تحرف عن الجادة وتمكن للمعتدين.. فالعدو يقتل ويهدم ويحرق والكل مستهدف والكل في خندق واحد... إن العدو الغاشم يراهن على تحويل أزمات الأمة إلى صراعات وفتن سياسية ومذهبية وحزبية وطائفية..إنه ليس من السياسة والكياسة توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية وانتماءات فكرية ورفع الشعارات والمزايدات والاتهامات وغيرها) والله على كل شيء قدير.