وأقصد بالطبطبة الربت على الكتف ومداعبة المشاعر وإسكانها وبعث الهدوء والراحة في النفس!
أقول ذلك بعد قراءتي لمقال الزميل صالح الشيحي في جريدة الوطن حول ما ذكره عن شخص صنع لنفسه تلفريك كلَّفه خمسة آلاف ريال؛ لاستخدامه في نقل أحد أولاده إلى المستشفى معرضاً نفسه وابنه للخطر. واقترح الزميل انتقال الرجل وأسرته إلى مكان آهل بالسكان أو قريب من أطراف المدن ابتعاداً عن الخطر وتخفيفاً عن كاهله.
ثار القراء وأوسعوا الأستاذ صالح عتباً تارةً وحنقاً تارةً أخرى، بل أخرجوه من دائرة الإنسانية وشككوا في مواطنته! واتهموه بعدم الإحساس بمآسي الناس، بينما هو أبدى رأيه حول ما يراه خطأً، ولكن الآخرين ذهبوا بعيداً وشرّقوا وغرّبوا، وذكر بعضهم أن هذا من واجب الدولة ومسؤوليتها تماماً كمسؤوليتها إنشاء مدرسة خاصة بأولاد هذا المواطن!
وإني لأعجب من مجتمع خرج من نطاق الفكر إلى مجال العاطفة فحسب! فأصبحنا مجتمعاً متذمراً على طول الخط! بعد أن كنا نقنع بأي بادرة جميلة أو إقرار مشروع حكومي، ولو كان صغيراً!! وكنا ندعو للمسؤولين المخلصين ونشكر الحكومة، وقبلهم نحمد الله على نعمة الأمن والاستقرار؛ فما الذي حدث؟! وما هذا التغير العجيب؟!
ولعلكم تسمعون وتقرؤون عن مطالبات بعض المواطنين للحكومة بأن تصلهم الخدمات إلى مقارهم مثل شق طرق إلى قرية أو بلدة صغيرة نائية جداً لا يكاد يتعدى سكانها مجموعة أشخاص، وتبح الأصوات للمطالبة بافتتاح مدرسة وتوجيه معلمين وإدارة متكاملة لأجل عدة طلاب لا يزيدون على أصابع اليد الواحدة!
عجيب! كيف يتفق جمع غفير من الناس بإبداء غضبهم من مقال منطقي صريح لا يحابي ولا يجامل؟! ولماذا لا بد أن تكون الحكومة والوزارات متهمة دائماً حتى حين تُصدر قراراً واقعياً وموضوعياً لمصلحة الناس فلا يرضيهم، وعندئذ يسخرون منه ويتهكمون عليه أو يطلقون على أي قرار أنه جاء متأخراً أو بسيطاً أو غير ذي قيمة؟ وكأن المجتمع يريد دائماً مَن يربت على ظهره ويواسيه ويقول له: يا مسكين! أيها المجتمع الفقير المغلوب المطحون! في الوقت الذي ينعم فيه بالأمن والاستقرار والخير.
نعم، إن توفير الرعاية الخدمية والصحية والاجتماعية للمواطنين, وكذلك أوجه الرعاية الأخرى، كتعليم أبنائهم ومحو أمية بعضهم التي هي حقاً من مسؤولية الحكومة، ولكن على المواطن مسؤولية البحث عن أماكن وجود دور العلم كما هو قائم في جميع أنحاء العالم، بل كما كان في زمن الصحابة والتابعين. وهذا لا يعني الرضا عن سوء الخدمات المقدمة للمواطنين جميعاً، والبسطاء منهم خصوصاً.
وقريباً من الواقعية، وبعيداً عن التذمر.. ماذا نريد حقاً من الحكومة؟!
نعم، دولتنا غنية ولديها موارد مالية ممتازة، ولكن هل من المنطق والعقل أن تُُنفَق في مجال واحد وزمن واحد ونترك الأجيال القادمة دون مستقبل واعد، أم أنها (الأنا) ومن ورائي الطوفان؟!
هل من العقل أن تقوم الدولة بتوزيع جميع أموالها نقداً على الناس عبر طوابير طويلة؟ ولو فعلت، فلن يرضى الكثير!
rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342