المشاهد أمام ناظرنا طوال الأسبوع الماضي كانت معتمة وكالحة، ورائحة دمار مغطس بالدماء تطبق على الأنفاس، ونشرات الأخبار تنوح في آذاننا ليل نهاركالنائحة المستأجرة.
ولكن في نهاية الأسبوع تهيأت لي نافذة خضراء، وإطلالة مغايرة على من اختار إرادة الحياة في مواجهة الموت، مشروع استزراع الإنسان مقابل تصفيته وإبادته، وإرادة شاهقة اختارت الجانب المضيء من الكون لتترك بصمة نضرة على المكان قبل أن تغادر.
مدينة (الغاط) التي يستدرجنا كرمها (دلالها وأباريقها) ونحن مابرحنا على تخومها على الخط السريع، وكانت أشعة شمس الشتاء تنسكب برقة على أطرافنا وتشاركنا التجوال بين مزارعها ونخيلها التي تنسدل أسفل (طويق) برفقة التربوية الرائعة (لطيفة السديري) إلى أن توقفنا بمركز الرحمانية الثقافي وبين ردهاته ومبانيه كان لابد أن يستوقفني البعد الثقافي الواعي لأبعاد العمل الخيري الذي يقوم عليه المركز, وشروطه المتجاوزة للمؤقت والآني، بل تلك التي تقوم على خطط استراتيجية طويلة المدى، وعائلة وظفت المساحة المتاحة لها على مستوى الفعل والقرار لتؤسس لفعل حضاري متعدد الجوانب والاتجاهات، سواء على مستوى النمط المعماري في المركز الذي ينطلق من البيئة ومفرداتها في استثمار للتواتر التاريخي للبيئة النجدية القديمة واستنطاق البعد الجمالي في المراكز الثقافية في مواجهة حصار قوالب الأسمنت، أو على مستوى المرفقات المختلفة التي يوفرها المركز لمرتاديه، من مكتبة عامة عامرة إحداهما رجالية والأخرى نسائية - مسجد - وقاعة محاضرات - وأفنية وردهات خارجية خلابة، عدا الدورات وورش العمل المتعددة التي تستثمر في الإنسان كقيمة وكمستقبل.
جميع ماسبق هو أحد تجليات مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية، وامتداد لمشاريع المؤسسة في مدينة الجوف.
كان موضوع زاويتي الماضية يدور حول ألم واستنكار لفعل الحريق الذي تعرض له النادي الأدبي في الجوف، وكتبت عن أهمية مناهضة الفكر الإقصائي المتزمت عبر المزيد من الفعل التنويري، ولعل مركز الأمير عبد الرحمن السديري أحد المشاريع التي تنهض بها ولها الجوف.... نجمة الشمال البهية.. الذي نعلق عليه الكثير من الآمال في هذا المجال.
للأمانة.... بخصوص الأمانة
موضوعي يوم الخميس السابق الذي يدور حول عمود الكهرباء الآيل للسقوط في حينا، حصل على استجابة فورية من المسؤولين، وقد أزيل في أول يوم عمل بعد نشر المقال, وحصل على متابعة خاصة من أمين مدينة الرياض، وقد شرح لي مجموعة من المهندسين في إدارة الصيانة عبر الهاتف بكل الدماثة واللطف، ملابسات الوضع وتفاصيل انتقال أعمدة الكهرباء بين صيانة الأمانة والشركة الخاصة المنفذة..... لا أخفيكم بعدها شعرت بالاطمئنان والامتنان لأمين مدينة الرياض... الذي يثبت في كل موقف حرصه ومتابعته...
وتقدمه لمسيرة عاصمة اختار أن تكون ذهبية.