على المستوى العلمي البسيط، اسأل نفسك إن كنت مدير إدارة، كم مرة كتبت لتبرير قرار ما أو لإنفاذ فكرة ما عبارة (حسب ما تقتضيه المصلحة العامة)؟.
وإن كنت كاتباً أو مسرحياً أو فناناً تنشر مقالاتك وتعرض مسرحياتك وتسوِّق لأعمالك.. اسأل نفسك كم مرة ركبت موجة الصالح العام وأنت تفرض آراءك ومعتقداتك، وتنتقد أو تفند آراء منتقديك؟
وعلى المستوى الشخصي وأنت أب لمجموعة من الشباب الذين تعجز عن مطاولة متطلباتهم، اسأل نفسك أيضاً كم مرة منعت عنهم أمراً أو حرمتهم شيئاً تحت مبرر الصالح العام لعائلتك؟.. وعلى أية حال، أنت مهما كانت طبيعة الدور المناط بك، لست بدعاً وأنت تبرر منافعك أو أهدافك وما يترتب عليها من قرارات بالصالح العام، فالكل يسوِّق لرغباته وغاياته ويبرر تصرفاته التي يضمن بها مصالحه وفائدته الشخصية بالصالح العام.. هذا الصالح العام الذي لا يمكن ضبط ما يشغله من حيز يكبر ويصغر بحسب ما يستهدف من غايات شخصية، يبقى على الرغم من هذا المفتاح السحري لقلوب الناس ولكسب قناعاتهم، والمبرر الناجح الفعَّال لكل القرارات والتصرفات عندما لا يكون لها مبرر أو مسوغ يقبله المنطق، أو يتماشى وحاجة الواقع المعاش، ويبعد المستند عليه عن المساءلة لو سارت الأمور إلى غير ما يُراد لها.
وعلى أية حال الذي ابتكر مصطلح الصالح العام فيما يتعلق بالأمور الدنيوية، وأسند كل ما يحدثه من حركة عليه دون توضيح أو تحديد لما يستهدف تحقيقه من مصلحة عامة، لا بد وأنه إما مصلح عظيم صلاحه قد وضع كل هموم الناس ومصالحهم على رأس أفعاله وتصرفاته ونظرته للأمور، وفهم دون غيره ما يفيد الناس وسعى بكل ما يستطيع لإنفاذه، وإما فاسد عظيم فساده، وجد ما يمكنه من الوصول لكل ما يريد باستغلال سذاجة الناس وحرصهم على ما يعمم الفائدة، وخادعهم باستنهاض جهودهم لدعم مصالحه الشخصية دون أن يلزم بتبرير ما يفعل.. لا توسط في الأمر.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com