بعد جهود عربية مضنية أصدر مجلس الأمن الدولي -مؤخراً- قراراً بضرورة وقف إطلاق النار في الصراع الجاري -حالياً- في قطاع غزة، وهو صراع غير متكافئ بين طرف وهو إسرائيل مسلح بأنواع الأسلحة الحديثة كافة، وبين طرف آخر وهو حركة حماس، التي لا تملك سوى صواريخ.
قال عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنها صواريخ عبثية؛ وذلك لعدم فاعليتها وتأثيرها الذي يخدم الجانب الفلسطيني.
وعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن الدولي المشار إليه بوقف الحرب في غزة إلا أن إسرائيل كعادتها في عدم تنفيذ القرارات الدولية لم تنفذ القرار المذكور، واستمرت في حربها الشعواء ضد الفلسطينيين العزل إلا بعد أن حققت أهدافها كما تقول، مع أنها حظيت بنقد دولي كبير، وكان من ضمن المنتقدين للعدوان الإسرائيلي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
ومعلوم أن هيئة الأمم المتحدة التي أنشئت سنة (1945م) من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين عن طريق حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية وتحريم استخدام القوة، مع منح هيئة الأمم المتحدة صلاحية اتخاذ الإجراءات العقابية لمن يخالف ميثاقها، ومن ذلك ما ورد في الفصل السابع من الميثاق الذي يقضي باستخدام القوة ضد أي دولة تثبت إدانتها بالعدوان. ولكن مع الأسف فإن دور هيئة الأمم المتحدة مقيد بهيمنة الولايات المتحدة عليها، لذا فإن قراراتها تكون إيجابية وذات فاعلية وقابلة للتنفيذ الفوري عندما تكون الولايات المتحدة راضية عن هذه القرارات، كالقرارات التي صدرت من مجلس الأمن الدولي ضد العراق عند قيامه بغزو الكويت سنة (1980م)، بل إن الولايات المتحدة غزت العراق سنة (2003م) وأسقطت نظام الحكم فيه دون الرجوع إلى هيئة الأمم المتحدة، في حين نرى أن القرارات الدولية التي صدرت لصالح القضية الفلسطينية لم تنفذ ابتداءً بالقرار (238) الذي صدر بعد حرب (1967م) والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية التي قامت باحتلالها في تلك الحرب وفي مقدمتها الضفة الغربية وقطاع غزة وانتهاء بالقرار رقم (1680) الذي صدر مؤخراً والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث إن إيقافها للحرب من طرف واحد لم يأت تنفيذاً للقرار الأممي، على أن التأثير السلبي على دور الأمم المتحدة لم يقتصر على مؤسسات الهيئة الدولية كمجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية، بل شمل الأمين العام للأمم المتحدة الذي وكأنه قد طلب منه ضمناً أن يتصرف بما يتمشى مع المصلحة الشخصية للولايات المتحدة وليس بما ورد في صلاحياته المحددة في ميثاق الأمم المتحدة، وأقرب مثل لذلك أن الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي الذي شغل هذا المنصب الرفيع عندما أوضح الحقيقة ووجه الإدانة لإسرائيل عندما ارتكبت مجازر سابقة في قطاع غزة كان جزاؤه عدم الموافقة على التمديد له مرة أخرى وخرج من الأمم المتحدة بعد فترة عمل واحدة مدتها أربع سنوات.
إذاً فإنه أمام ما يجري في هيئة الأمم المتحدة من تقييد لدورها وتعتيم على أهدافها والذي أدى إلى فقدان مصداقيتها لدى المجتمع الدولي فإنه من المنطق خاصة بعد وقوع هذا الغزو الوحشي من قبل إسرائيل لقطاع غزة وما نتج عنه من مآس تصل إلى درجة عدم تحمل الإنسانية لها، ثم صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو إسرائيل إلى وقف الحرب وعدم انصياعها لنداء المجتمع الدولي، حيث استمرت في الحرب رغم القرار المذكور، ولم تتوقف ولم تذعن إلا بعد أن وصل عدد القتلى إلى أكثر من 1300 فلسطيني وأكثر من 6000 جريح من إخواننا الفلسطينيين، إذاً فإنه يعتبر من المنطق بل من الملح أن يقوم مجلس الأمن بمعاقبة إسرائيل على تلك التصرفات التي تتجاهل قرارات أكبر منطقة وجدت لخدمة المجتمع الدولي وعلى جرائمها التي تستحق العقاب.
Asunaidi@mcs.gov.sa