من المعلوم أن كثيراً من الحاضرين لصلاة الجمعة أرباب أسر بمعنى قيمون عليها سواء كان والداً أو أخاً أو عماً أو خالاً.. وإما أن يكونوا مربوبين، وغالب الأسر تتكون من أب وأم وأبناء، والعنف الأسري هو في الحقيقة مشكلة من مشاكل المجتمع التي تغذيها أسباب عديدة، ووراءها من وراءها ممن يشعل فتيلها، والأهداف من هذا الصنيع غير خافية على أولى العقول الحجا، نسمع بين الفينة والأخرى ما يجري لبعض الأسر من أمور يندى لها الجبين هي جريمة في حق الإنسان الذي خلقه الله وصوره في أي صورة ما شاء ركبه، قتل بأبشع صور القتل وتشريد من نوع فريد، أو تعذيب، انتهاك للأعراض، ونهب للأموال والممتلكات.. وغيرها.. والسؤال هنا ممن يحدث هذا؟
إنه من أقرب الناس للإنسان.. فلو حدث مثل هذه الأفعال المشينة في بلاد الحرية والإباحية لكان كبيراً فكيف يحدث في بلاد دستورها القرآن وشعارها حيا على الصلاة حيا على الفلاح يرفع بأعلى الأصوات في اليوم والليلة خمس مرات، ومنهجها هدي سلف الأمة، وحيث إن المنبر له الدور الأكبر في توجيه الناس إلى كل ما يعود عليهم بالنفع العاجل والآجل، ويحذرهم من كل ما يعود عليهم بالضرر في دينهم ودنياهم فإنه يحسن أن يقوم الخطيب بمعالجة هذه المشكلة فإن الذي يستمع له ربما كان ممن اصطلى بحجمها وقد يكون البعض ممن أوقد نارها.
الخطاب الخطابي من على المنبر تجاه هذا الأمر لابد وأن يكون من ثلاث زوايا زاوية الأولياء أولاً، زاوية الأبناء ثانياً، زاوية المصلحين ثالثاً. ويوجه الخطاب للأولياء باعتبار أنهم يدركون الخطاب ويكون من وجهين من جهة الحيطة والأخذ بسبل الحيلولة دون وقوع المكروه، ومن جهة الخروج من المصيبة الواقعة أو إذا وقعت فيرسم الخطيب الخطوط العريضة ويبين الأسس لهذا النوع، ويوجه الخطاب بعد ذلك من زاوية الأبناء الذين ربما اصطلى بعضهم وتعرض لشيء من العنف الأسري فيكون الخطاب مرتكزاً على كيف ينجو الضعيف فإن الأبناء عادة ما ينالهم هذا العنف بسبب إدراك الأولياء لضعفهم وعجزهم عن الانتصار لأنفسهم، فالمخارج من هذه الضائقة كثيرة منها الاتصال بجمعيات الإصلاح وكذلك القضاء وخطباء المساجد والدعاء والمصلحين.
ويوجه الخطيب الخطاب بعد ذلك للمصلحين في المسجد الذين عفاهم الله من العنف الأسري فيرشدهم إلى الدور الذي يمكن أن يقوموا فيه تجاه حل هذه القضية فلربما كان منهم من يعرف له جيران هذا شأنهم وبعضهم قد يكون معلماً يعرف من الطلاب الشيء الكثير.. ونحو ذلك.
وأما عرض القصص وسرد الأخبار والحوادث التي تحصل من الناس في قضية العنف الأسري فليس من الحكمة في شيء أن يكون هذا من على المنبر، فأقصى ما فيه أنه تحصيل حاصل، ومن سلبياته تكثير جرائم المسلمين، ونشرها، وتثبيط لأهل الخير عن فعل الخير حيث يتصورون أن الخرق متسع على الراقع.. وغير ذلك كثير.
* حائل