تأمل أخي الكريم قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، قال القرطبي في تفسيره جعل لك مأوى تأوي إليه عند عمك أبي طالب فكفلك وقيل لجعفر بن محمد الصادق لم أوتم النبي صلى الله عليه وسلم من أبويه فقال لئلا يكون لمخلوق عليه حق بل إنه صلى الله عليه وسلم توفي والده قبل ولادته ثم توفيت أمه وعمره ست سنوات تقريباً وتوفي جده وعمره ثماني سنوات فتربى عند عمه أبي طالب وكان عمه فقيراً كثير الأولاد ومع ذلك أصبح صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم قال الشنقيطي رحمه الله: (فكان يتمه لإبراز فضله لأن يتيم الأمس أصبح سيد الغد وكافل اليتامى) فيتمه لم يحوله إلى شخص سلبي أو عاطل أو حاقد أو مهمل أو ساخط بل أصبح سيد ولد آدم وأصبح رحمة للعالمين وأصبح قائد الأمة ورسول رب العالمين فليس اليتم حائلا بين الإنسان وبين بلوغ العلياء فتربى منذ الصغر على أحسن الأخلاق ولهذا سمي بالصادق الأمين قبل نبوته صلى الله عليه وسلم ويأخذون بقوله ويرجعون إلى حكمه في الخصومات حتى قال عنه ربه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فاليتم لا يعني نهاية الإنسان نعم قد يكون سببا في أن يصاب الإنسان بالذل أحيانا ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في نفس السورة {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}، قال القرطبي: أي لا تسلط عليه بالظلم ادفع إليه حقه واذكر يتمك قاله الاخفش، ثم قال: وخص اليتيم لأنه لا ناصر له غير الله تعالى فغلظ في أمره بتغليظ العقوبة على ظالمه. انتهى.
فهل تدبرنا ذلك وجعلنا في نفس اليتم طلب العلياء والسعي إلى أفضل الأمور في الدنيا والآخرة.
* تبوك