هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إحدى مؤسسات الضبط الاجتماعي في المجتمع السعودي. ومؤسسات الضبط الاجتماعي تعنى بضبط السلوك العام وسلوك الأفراد ليكون بعيداً عن الجريمة والانحراف، وفي الآونة الأخيرة تزايد الحديث عن الدور الاجتماعي لتلك المؤسسات انطلاقاً من الإيمان بأنها هي الأكثر وعياً بما يحدث في المجتمع من جرائم وانحرافات، وبالتالي فهي الأقدر على أن تتجاوز دورها التقليدي في ضبط الجريمة أو الانحراف، بحيث يفترض أن تعمل على الحد من وقوعها من خلال تهيئة بيئة اجتماعية تمنع وبشكل ذاتي حدوث الجرائم والانحرافات، وهذا يعني التركيز على الدور الوقائي وعلى تفعيل آليات المجتمع الذاتية في درء وقوع الانحرافات، وتنشئة الفرد على الاستقامة والبعد عن الانحراف.
وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رغم أنها مارست جانباً مهماً في هذا السياق، خاصة في تعاملها مع القضايا المتعلقة بالنساء، باعتبار أن المخالفات التي تكون النساء طرفاً فيها وخاصة في الجوانب الأخلاقية يدخل في نطاق عمل الهيئة، إلا أن المتغيرات المعاصرة تفرض أن تكون تلك الممارسة مكثفة ومتنوعة، فقضايا التحرش الجنسي التي أصبحت حديث وسائل الإعلام ما زال مجتمعنا بحاجة إلى وضع لوائح إجرائية للتعامل مع الحالات التي تندرج ضمن هذا النوع، بل إن من أهم البنود تصنيف ما يمكن أن يندرج ضمن مفهوم التحرش الجنسي، إضافة إلى إجراءات التقاضي والعقوبة التي تحفظ سرية مثل هذه المخالفات خاصة في مرحلة ما قبل الإدانة، والتي أيضاً تحدد العقوبات الرادعة، والأهم من ذلك تنظيم الحياة الاجتماعية وتوجيهها نحو بيئة اجتماعية خالية من التحرش الجنسي (خالية ليست بالمعنى الحرفي وإنما بمعنى محدود)، ويدخل في ذلك وضع أنظمة للتحرش الجنسي الذي يحدث في أماكن العمل ومن خلال وسائل الاتصال والتنقل المرتبطة بالعمل.
والخلاصة أن مجتمعنا السعودي بحاجة إلى تنظيمات معاصرة خاصة في المجالات الإجرائية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقع على كاهلها عبء كبير في هذا الجانب، خاصة أن لديها خبرة عملية يمكن أن تسهم في تطوير الدور الاجتماعي تجاه التحرش الجنسي.
أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام