كانت رجفة من رجفات الزمان وصاعقة من صواعق الدهر ورزية من رزايا الأيام، هول وهلاك وفزع لم تُبتلَ بمثلها أمة في هذا القرن عندما اعتدى المجرمون الأنجاس بقلوب ملؤها الحقد والوحشية فاختلطت الدموع بالدماء والأشلاء الطاهرة بالقنابل وأثبتت غزة أنها عاصمة العزة والكرامة، لله دركم يا أهلها صبرٌ على حرِ اللقاء وجلدٌ على سفكِ الدماء، تعانق الإيمانُ مع الشجاعة وتحالفت الإرادةُ مع الصمود فكانت يدٌ من الله واقية وعين كالئة وتباشير نصر قريب بإذن الله. واليكم أحبتي تلك الوقفات مع الحدث الأبرز:
|
* هناك من يسأل ماذا نفعل في تلك الأحداث؟ وكيف يمكننا مساعدة أهلنا في غزة؟ وهذا هو السؤال الأهم. فالبقاء في دائرة البكاء وزوايا التشكي وقضاء الأوقات في العويل والشتم لن يجدي نفعاً ولن ينفع الأمة ولن يدحر عدواً... وهذا ما أراه الآن يمثل فقه المرحلة:
|
1- ابتداء لابد أن نعلم أولادنا حقيقة قضايانا ونبين لهم من أعدائنا وكيف يمكرون بنا ويكيدون لنا وان نؤسس فيهم معاني العزة والكرامة وان لا يرضوا بالذل والهوان مهما بلغت الضغوطات وعظمت التحديات.
|
2- الدعاء لأهلنا في كل سجود وبعد كل صلاة وعند كل سحر، فأمة محمد تجاوز عددها ألف وخمسمائة مليون ولن تعدم من لو أقسم على الله لأبره.
|
3- مقاطعة كل جهة تؤيد أو تدعم العدوان وتساعد تلك الدولة المجرمة ومن الجهات التي ينبغي أن نحذر منها وان ننبه من كيدها تلك القناة (المشؤومة) التي ميعت القضية وعبثت بقضايا الأمة واستخفت بعقولنا ومشاعرنا ورقصت على جراحنا وأحالت الضحية إلى جلاد! فاقل ما نرد به على أمثال تلك القنوات مقاطعتها، كما أزجي شكراً عظيماً لقناة الجزيرة على موقفها الإيجابي حيث حركت تغطيتها النزيهة مشاعر الأمة وجلت بوضوح ما يجري، فشتان بين مشرق ومغرب!
|
إذا كان قلبي لا يغار لدينه |
فما هو لي قلب ولا أنا صاحبه |
4- تحدث الشيخ سلمان العودة عن فكرة إستراتيجية رائعة مفادها أن العدوان وإن توقف فأهلنا بحاجة إلى وقفة طويلة معهم، واقترح الشيخ أن تُكفلَ العوائلُ هناك وذلك بتخصيص مبلغ شهري لهم بحسب القدرة، وهو مشروع رائد يستحق الدراسة فالقليل الدائم لا شك خير من الكثير المنقطع.
|
* لم يجد بعض كتابنا وقتاً لتصفية الحسابات إلا في تلك الأزمة وتلك عادة المرجفين في التربص ولا عجب فمن أظلم قلبه أظلم قلمه، ومن الغرابة أن نعزو تلك الحرب البشعة للاستفزاز وأن عدوان الأوغاد إنما هو ردة فعل وأن الصهاينة ما كانوا ليضربوا لولا أنهم دفعوا إلى هذا!! وهل لهؤلاء منطق يضبط تصرفاتهم وقلب يحرضهم على العدل!
|
* نعم لقد دكوا البيوت ولكن لم يدكوا إرادة المجاهدين ولم يثنوا عزائمهم، قصفوا الدور ولكن صواريخهم لم تنل من الهمم العالية الصلبة!
|
خلقنا رجالا للتّجلّد والأسى |
وتلك الغواني للبكاء والمآتم |
بمشاعر قدسية وبيقين ثابت وقف أهل غزة أمام يهود كما وقف أهل بدر أمام جبابرة قريش، تلك الفئة القليلة التي واجهت فئة كثيرة فغلبتها بإذن الله، فما كان لأنوف المعتدين إلا الجدع وما كان لقلوبهم إلا الترويع، والحمد لله على فضله.
|
* يقول المؤرخ ابن الأثير صاحب كتاب الكامل وقد انتحب قلمه وارتجفت يده ناعياً الأمة بداية غزو التتار: لقد بقيتُ عدَّة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً. انتهى كلامه رحمه الله. ومع هذا نهضت الأمة وتعافت، ونقول بشراكم يأهل غزة فالغلبة لكم والعزة لكم فإن الله يدافع عنكم والله غالب على أمره وقد قال وقوله الحق (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، قد كتبتم أروع قصص الصمود، فوالله لو هبت الرياح وماج البحر واضطربت الأمواج فلن يحار المركب ولن يضيع المرفأ ولن يتيه القبطان، فالله كتب النصر والغلبة لعباده المؤمنين.
|
|
(لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).
|
|
|
|