أنعم الله علينا أن جعلنا له وحده راكعين ساجدين ولغيره لا ننحني فلا تذلنا مظالم ولا تبطش بنا مهالك فأقدارنا مع الله خير بخير، ويحق لنا أن نبكي أرض غزة بل فلسطين جميعها ونتألم بحرقة، فألم غزة احتقن صمتاً فانفجر انفجاراً أفاقنا من نومتنا وأيقظ أمتنا من غفلتها، ألتم أفراد وشعوب الأمة الإسلامية مع بعضهم بكافة طوائفهم التي قضت زمنا تضيع مجدها في سبيل القدح في طائفة أخرى! إلتمت في سبيل نصرة دين الله، وفي خضم هذه الآلام ولهج الأنفس بالدعوات انتشر على ملامح البعض اليأس والتشكيك بقدرة أصحاب الحق وغاب عن ذاكرتهم معارك الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم وما يحكيه تاريخنا الإسلامي كيف كانت قليلة في العدد والعتاد في مواجهة أباطرة الكرة الأرضية جميعها ومع هذا كانت لهم الغلبة لأنها كانت أمة ثابتة على حقها ساعية للنصر الحقيقي من عند الله الذي وعد بالنصر والتمكين في هذه الدنيا وفي الآخرة فقال جل من قائل: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (غافر 51-52)، وتبدلت أوضاع آخرين إلى حزن وتسمر أمام الشاشات التلفزيونية أدى إلى جمود وغياب ليقين النصر، في وقت أمتنا بحاجة ماسة لأن يخرج كل فرد من أفرادها من هذه المحن بدروس كبيرة تنتقل بها الشعوب المسلمة من العطالة إلى الفاعلية والسيادة، فوعد الله لا تبديل له ومن أصدق من الله قيلاً وحديثاً، وأيضاً بحاجة إلى مربين يجعلون المحن منحاً ويزرعوا في الصغار قيماً عالية من العزة والإباء والدفاع عن الدين والوطن والشجاعة والصبر ويرووا أفئدة النشء بالتوكل على الله واليقين بنصره ويثروا عقولهم بقصص التاريخ الإسلامي الخالدة وقيم الأخلاق الفاضلة وينبذوا التفرق ويبتعدوا في أحاديثهم عما يثير السخط والخذلان واليأس فلا يأس مع من اتخذ طريقه في سبيل الله (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
فيا أيها المؤمن بربه لا تيأس فالنصر قادم قادم. قد يطول الانتظار لكي يكون نصراً حقيقياً خالداً وحتى لا تستكين الأنفس وتتخاذل بل تترابط ولا تقتصر بحدود رؤيتك فالأمور ليست دوماً كما تبدو، فما ضاقت ضائقة إلا وأعقبها فرج وعزة.