الدمام - عماد الدين الزهراني
بعد 68 يوماً من غيابه عن وطنه ووالديه، حيث كان مختطفاً مع آخرين على ناقلة النفط السعودية (سايروس ستار) لدى القراصنة الصوماليين.. يعود حسين آل حمزة إلى أرض الوطن ليروي لنا قصة احتجازه وتطورات الواقعة التي عاشها في جو من الإثارة، على حد قوله.
وذكر حسين آل حمزة ل(الجزيرة) أن تواصل كافة فئات المجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية والحقوقية، وخاصة أهالي القطيف، مع أسرته قد ساعدها على تخطي المحنة وخفف من وتيرة تصاعد الموقف مع القراصنة.
وقال آل حمزة الذي يعمل بحارا في ناقلة النفط السعودية (سايروس ستار): إن الناقلة وصلت إلى ميناء الفجيرة مساء الجمعة وكانت حينها الساعة الثامنة مساء، مبينا أنه تم تأمين وسيلة نقل لجميع أفراد الناقلة بمن فيهم هو، وقال: والتقيت بوالدي قبيل منتصف الليل من نفس اليوم، في مقر إقامتنا في فندق في دبي.
(الجزيرة) تواصلت مع البحار حسين آل موسى في منزله ليلة وصوله إلى أرض الوطن ليروي لنا عبر هذا اللقاء قصته مع القراصنة الصوماليين:
الجزيرة: نريد أولا أن تصف لنا بداية ولحظة اختطاف الناقلة؟
آل حمزة: كنت نائما حينها بعد انتهاء نوبة عملي المسائية، وفجأة أطلق كابتن الناقلة صفارة الإنذار، وعندها لم أعرف كيف أتصرف، لجهلي بما يحدث، ومن ثم فقد توجهت إلى أعلى الناقلة لمعرفة ما يجري، وإذا بي أفاجأ بوجود طرادين صغيرين للصيد (مقاس ثمانية عشر قدم) يلاحقان الناقلة وتأمرنا بالتوقف.. حاولنا الفرار ولكن لا محال, وأشار كابتن الطاقم بإرسال نداءات استغاثة للسفن القريبة .. لكننا وقعنا في الفخ قبل أن نستغاث.
الجزيرة: كم كنتم تبعد الناقلة عن اليابسة ؟
آل حمزة: كانت تبعد ما يقارب750 ميلا بحريا عن اليابسة.
الجزيرة: كيف صعد القراصنة إلى الناقلة ؟
آل حمزة: تسلل القراصنة إلى الناقلة وهم مدججون بالسلاح الثقيل، رشاشات وأر بي جي الثقيل، ولم نظهر أي نوع من المقاومة، ولحكمة قبطان الناقلة دور في ذلك.
الجزيرة: كم كان عددهم لحظة الاختطاف ؟
آل حمزة: لم يكن يتجاوز عددهم الثمانية أشخاص، ولكن كلما اقتربنا من السواحل الصومالية زاد العدد حتى وصل العدد في آخر المطاف إلى ما يقارب 37 قرصانا.
الجزيرة: خلال قيادتهم الناقلة ألم يكن هناك نوع من المقاومة من قبل طاقم السفينة ؟
آل حمزة: كانت هناك مناوشات ومقاومة من وقت لآخر.. ولكن دون جدوى لأننا تحت وطأة السلاح وهذا ما خشيناه.
الجزيرة: خلال رحلة الاحتجاز وقيادتهم الناقلة نحو السواحل الصومالية، هل كانوا منظمين؟
آل حمزة: في البداية رأينا التنظيم العالي جدا للقراصنة خاصة في طرق التعامل مع بعضهم ولكن في آخر المطاف شاهدنا الفرقة والتشتت في صفوفهم، ربما بسبب مقدار الفدية التي يطلبونها، والله اعلم.
الجزيرة: ألم يكن هناك تعامل خاص للقراصنة معك بما أنك مسلم وتحمل نفس الرسالة ؟
آل حمزة: يا سيدي هم جماعة مرتزقة وليس لهم بالإسلام أي صلة، ولكن يتخفون تحت ستار الدين ومنزوع منهم الإيمان، ولا يهمهم أمر أي من كان على متن الناقلة.. هل هم مسلمون أم لا.. فالتعامل واحد مع طاقم السفينة ولم يكن هناك أي نوع من التفريق.
الجزيرة: وصلتم الآن للسواحل الصومالية.. هل كان هناك استقبال من قراصنة آخرين؟ أم هم نفس العدد ؟ وكيف تم التعامل معهم لحظة الوصول ؟
آل حمزة: أكيد زاد العدد .. ولكن كان هناك في استقبالنا كبير القراصنة, حاولنا التواصل معهم والتفاوض بإخلاء سبيلنا بأخذ أغراضنا الثمينة وما نملك على متن السفينة حاجتنا الخاصة، ولكن رفضوا وأصروا على أن نكون رهائن لديهم متمسكين بمطالبة الشركة بالفدية.
الجزيرة: الم تتعرف على أسماء القراصنة، وأميرهم على حد زعمهم بذلك ؟
آل حمزة: هم يستخدمون أسماء وهمية مثل محمد.. أمجد، وأسماء أخرى غريبة صومالية، وكذلك أسماء أجنبية كجون وغيره.. أما بالنسبة لكبيرهم فكانوا ينادونه بالأمير فقط.
الجزيرة: خلال الستين يوم تقريبا أين كنتم محتجزين ؟
آل حمزة: كنا محتجزين في قمرة القيادة، ومنعنا من مغادرة الناقلة أو الخروج من القمرة، لكننا تعاملنا مع الأمر وكأننا نمارس عملنا الطبيعي لتضيبع الوقت، وللخروج من الحالة النفسية التي ألمت بنا.
الجزيرة: كيف تم الاتصال الأول مع الوالدين في السعودية؟ وماهو برتوكول الاتصال ؟
آل حمزة: طلبت الشركة من القراصنة أن يكون لكل فرد من الطاقم حوالي الدقيقتين لمكالمة عائلته لطمأنتهم، وقد استجابوا.. وتم الاتصال مع والدي وطمأنتهم على صحتي.. واستمرت المكالمة حوالي الدقيقتين.. ثم سحبوا الجهاز من بين يدي، وحصل وقتها بيني وبينهم مشادة كلامية ومقاومة لاجراء معاودة الاتصال..
الجزيرة: كيف تتواصلون معهم وبأي لغة يتحدثون ؟
آل حمزة: يتحدثون اللغة الصومالية البحتة بالإضافة الى اللغة الانجليزية المكسرة جدا، لدرجة أننا لا نفهم منهم سوى بالإشارة في بعض الأحيان.
الجزيرة: بالنسبة بالطعام كيف كنتم تحصلون عليه ؟
آل حمزة: من الطريف أنهم كانوا يذبحون الخرفان على ظهر الناقلة ويتركونها لنا لنأكل منها وهو الشيء الوحيد الذي (أكرمونا) به عكس الإرهاب الذي وجدناه منهم أولا.
الجزيرة: هل علمتم بقيمة الفدية التي تحصل عليها القراصنة خلال الاحتجاز ؟
آل حمزة: لا لم نكن نعلم عن القيمة الحقيقية للفدية التي دفعت , ولكن من وقت لآخر نسمع أرقاما عن المبالغ التي يطلبونها من الشركة.
الجزيرة:صف لي تعامل كابتن الطاقم معهم ؟
آل حمزة: توخى الكابتن الحكمة والحذر في التعامل معهم.
الجزيرة: لحظة مغادرتكم ودفع الفدية للشركة .. ماذا حصل ؟
آل حمزة: بدا عدد القراصنة يتناقص على متن الناقلة، وأمرونا بالابتعاد عن السواحل الصومالية، وما كان منا إلا الابتعاد سريعا والصمت لئلا يحدث معهم أي تصادم، وندخل بعدها في دوامة أخرى.
الجزيرة: كثيرون من المتابعين للحدث استغربوا تصرف الشركة التابعة للناقلة بترك قيادة الناقلة لكم من شواطئ بحر العرب إلى موانئ الإمارات دون تبديل الطاقم.. لماذا؟
آل حمزة: كانت هناك نشوة منا نحن طاقم الناقلة بالعودة بها إلى بر الأمان دون تبديل الطاقم، مع العلم أن الشركة تمتلك الإمكانيات لتبديل الطاقم في عرض البحر، ولكننا رفضنا ذلك وأردنا رد الجميل للشركة.
الجزيرة: لحظة الوصول.. كيف تصفها لنا سواء على الأراضي الإماراتية أو على أرض الوطن ؟
آل حمزة: لحظة تاريخية وفصل لا ينسى من حياتي، حيث عشت في عالم من الإثارة بشكل يومي مع القراصنة الصوماليين بين مد وجزر.
الجزيرة: ماذا تعلمت من رحلة الاحتجاز تلك ؟
آل حمزة: تعلمت الشيء الكثير خلال فترة الاحتجاز.. فهناك التكاتف مع أفراد الطاقم واندماج قلوبنا مع بعض، وعدم التسرع في بعض الأمور وتوخي الحكمة في كافة المعاملات.
الجزيرة: هل ستواصل العمل كبحار على متن الناقلة ؟
ال حمزة: نعم .. ولن أترك عملي كبحار, فهو جزء من أحلامي، واعتبره مثل نفسي، فأنا أحب المهنة التي نشأت عليها منذ صغري.
الجزيرة: رسالة.. لمن تود أن توجهها؟
آل حمزة: اشكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو زير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد، وكافة فئات المجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية والمنظمات الحقوقية وأهالي القطيف على ما قدموه لي من دعم معنوي ونفسي ومادي خلال محنتي.