دلال .. تجلد بسطور دموعها النافرة من نبع عينيها كل عرق وشريان في النفس..

دلال وهي تعتمر قبعة الليل الذي طوى أهلها الذين حرمها منهم المعتدون بلا رحمة وهي تحتمي كتف هبة عقيلة مراسلة الجزيرة، تتقدم بحذر وخوف من أسمال بيتها المتركم أنقاضاً فوق ذكرياتها.. نبض أمها هنا.. بصمة إخوتها غيداء ومحمد وسيد.. هذا قميص محمد وتوشك أن تضمه.. الخوف يرجف أصابعها.. هذا ثوب سيد.. وتقفز هرتها البنية بذعر والتجاء ليديها.. بقية أهلها.. هرتها الخائفة التي هجرها المعتدون... سطور دموعها تحكي عن مكنون النهر الكامن نبعه في داخلها.. وجدتها هناك (هذه البقية من رائحة ابنتي) دلال ابنة الثالثة عشرة تنصب يافعة على الجراح والدمار والفقد حين يكون الثمن لحرية الوطن...

من يربت على بقايا الدمع وما الذي يعيد لحمة العين الممزقة أشلاء على ذكرى صوت وحضن ولقمة ودفء (أمي وإخوتي..ما الذي فعلته لهم ليحرموني من أهلي)..

ويبقى صدى صوتها.. وسطور دموعها يلازمنا جلاداً سوطه في ضمائر الذين ناموا واستيقظوا ليجدوا الناس تتساوم على دواء أو كساء أو غذاء على مرأى من العالم... والجراح لم تندمل بعد..

ونهر دلال ينبجس روافد في ضمائر الكل يحرمها النوم أو يغطها فيه...