Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/01/2009 G Issue 13270
الثلاثاء 1 صفر 1430   العدد  13270

دفق قلم
ما أشبه الليلة بالبارحة يا أوباما
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

هكذا تظل ثوابت السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية يتتابع فيها الرؤساء على طريقة وقع الحافر على الحافر، والأثر على الأثر، وعلى منهج حَذْو القذَّة بالقذَّة.

حينما كتبت مقالاً نشر في هذه المساحة بعد إعلان فوز أوباما بالرئاسة في أمريكا، وكان بعنوان (إنَّ فرَّ عيْرٌ فعيرٌ في الرَّباط) وهو مثل عربي معروف يُضرب في حالة تشابه مواقف الأشخاص الذين يخلفون بعضهم في الوظائف العامة والخاصة، حينما كتبت ذلك المقال هاتفني بعض الأخوة من القراء الكرام وناقشوني في فكرة المقال، فمنهم من أيد ما ذهبت إليه، ومنهم من أيد الجانب الآخر الذي يقول: لماذا نستعجل؟ فقد يفاجئنا الرجل بموقف مغاير لموقف سلفه، لا سيما وأنه رئيس جاء من قلب الطبقات الكادحة التي عانت من التسلط والظلم، ولا أكتمكم أنني قد تألمت وما زلت أتألم من ذلك الفهم القاصر لدى بعض المسلمين - وفيهم مثقفون وأساتذة وإعلاميون- لحقيقة وضع الإدارة الأمريكية التي تتميز برسم الخطط المتقنة وتكل إلى الرئيس مهمة تنفيذها بحذافيرها، وتعطيه مساحة من الحرية يتحرك فيها، فإذا تجاوز أو أضاف أو تصرف، لوحوا له بعشرات العصي والحراب المعدة للتأديب، وفي مقدمتها الفضائح التي تدار لكل رئيس يفكر في مخالفة المنهج المرسوم إدارة قوية متقنة. لقد كنت على يقين - وآلاف المسلمين على مثله - أن موقف أوباما من القضية الفلسطينية هو موقف (بوش) وأن أمن إسرائيل من أهم الأعمال التي يعلنها الرئيس الأمريكي في خطابه الرئاسي الأول، لأن ذلك سرٌ من أسرار بقائه في منصبه ودعمه، وتوسعة نطاق صلاحياته.. ولا يكون الاختلاف إلا في بعض الشكليات التي تناسب الشخصية الجديدة والمرحلة هكذا أعلنها أوباما على مسامع الدنيا (أمن إسرائيل من أوليات سياستنا) هي العبارة نفسها، والموقف نفسه، والمناسبة نفسها، وهكذا رأينا التجاهل لأحداث غزة الدامية التي تفاعل معها العالم كله، فلم يعزِّ أهل غزَّة، ولم ينطق بكلمة واحدة أسفاً عليهم، وتنديداً بالمذبحة الهمجية التي وقعت عليهم، بل طلب من حماس أن تعترف بإسرائيل، لأن خدمة إسرائيل هدفٌ أعلى لكل رئيس أمريكي.

إذن فليستيقظ أولئك الذين لا يقرؤون الأحداث قراءة صحيحة، ولا يعرفون (تركيبة) النظام الأمريكي.

إشارة

عبارةٌ مؤذية جارحة

ما أشبه اللَّيلةَ بالبارحَةْ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد