Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/02/2009 G Issue 13275
الأحد 06 صفر 1430   العدد  13275
لا توقفوا الابتعاث
د. فهد بن علي العليان

 

ساهم الابتعاث للدراسة في الخارج خلال العقود الماضية بفعالية في توفير الكفاءات السعودية العلمية المتميزة التي لعبت دوراً واضحاً في نهضة البلد التنموية، حيث شارك المبتعثون مع غيرهم من أبناء وطننا الغالي في تحقيق التنمية والتطور والنماء في ميادين كثيرة، وقد أتاحت الدولة خلال الفترة الحالية فرصة الابتعاث لأبناء وبنات وطننا الغالي من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث...

... - الذي تتولاه وتشرف عليه وزارة التعليم العالي بإدارة واعية ومقتدرة ومنظمة - حيث نلحظ بجلاء الإقبال الكبير من مختلف شباب وشابات المجتمع للحصول على فرصة الدراسة في إحدى الدول المتقدمة للتزود بالمعارف والمهارات المختلفة والتمكن من أدوات البحث والعلم والمعرفة.

وعوداً إلى عنوان المقال، فإن هناك من ينادي بإيقاف الابتعاث، حيث نلحظ في بعض الأقسام العلمية في الجامعات إحجام وامتناع مجموعة كبيرة من المعيدين والمحاضرين من الذكور والإناث عن إكمال دراساتهم العليا في الخارج، وبالتالي أصبح بعضهم وسيصبح غالبهم صورة طبق الأصل من أساتذتهم في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في المعارف والمعلومات والتفكير العلمي، إن الأقسام العلمية في هذه الجامعات تقع عليها مسؤولة كبيرة في دفع المعيدين والمحاضرين للدراسة في جامعات الدول المتقدمة وذلك لتنويع الخبرات والاستفادة من أساليب وطرائق البحث العلمي المتقدمة، وإلا فإننا سنسهم شئنا أم أبينا في تكرار صور الأستاذ الجامعي، إن كثيراً ممن يمتنع عن الدراسة في الخارج أو يساعد في الامتناع يحتجون بوجود برامج للدراسات العليا في جامعاتنا، ولكني أرى أن هذا لا يعني إيقاف حركة الابتعاث وخاصة للمعيدين والمحاضرين الذين سيتولون التدريس في الجامعات لاحقاً، كما أنه لا يعني على الإطلاق التقليل من جامعاتنا وأقسامها العلمية، إنه لا بد أن تشترط الأقسام العلمية - في بعض التخصصات - على المتقدمين لوظائف المعيدين والمحاضرين بضرورة دراسة اللغة الإنجليزية خارج المملكة إضافة إلى دراسة مرحلة الماجستير أو الدكتوراه هناك، وذلك للاستفادة من الدراسات والأبحاث الأجنبية في الأبحاث العلمية المستقبلية لهؤلاء.

وبما أن الحديث عن الابتعاث فإن هناك تساؤلاً يدور بين أوساط بعض المهتمين حول سبب تقليص الابتعاث أو إلغاؤه في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث يلحظ تركيز وزارة التعليم العالي على التخصصات ذات الطابع التطبيقي، مما قد يدل على أن هدف الابتعاث هو الحصول على عدد كاف من حملة الشهادات العليا لسد الشواغر الوظيفية في تلك المجالات العلمية، وأعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى نقاش وحوار، لأننا قد ندفع لاحقاً ثمن تحجيم الابتعاث في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية.

إنني أتمنى أن يعي زملائي وزميلاتي المعيدون والمحاضرون أهمية تنويع الخبرات واكتساب العديد من المهارات التي لن تحصل لهم إلا في الدراسة في الجامعات المتقدمة علمياً وبحثياً، ثم تحية لمسؤولي الابتعاث في وزارة التعليم العالي الذين يبذلون جهودا جبارة - طوال أيام الأسبوع - في سبيل تحقيق أهداف برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث.

وأخيراً، أقولها بصراحة: إذا لم يتلق المعيدون والمحاضرون في الجامعات السعودية دراساتهم في جامعات عالمية مختلفة، فإنه سيكون لدينا نسخة مكرورة للأستاذ الجامعي بعد فترة ليست طويلة وعندها لن ينفع الندم! كما أني أعلم أن هذا المقال سيثير غضب المعنيين به، وربما يثير تساؤلات بعض الزملاء والمهتمين، لكنني أكتبه للتاريخ وبراءة للضمير، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.



alelayan@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد