في مقابلة صحافية معها طالبت إحدى الفلسطينيات بعدم بث صور الأشلاء والقتلى في المجازر الإسرائيلية وأنه (لا يمكن عرض صور أشلاء الأطفال بشكل يومي على أهم الفضائيات العربية والمحلية التي يشاهدها الفلسطينيون)، لقد صرخت بذلك في لقاء إعلامي. أقف أيضاً مع هذا النداء إن جاز لي التعبير أو حتى الاستهجان من التداول المثير لهذه الصور دون مراعاة مشاعر أهاليهم وأقاربهم وجيرانهم وحتى البسطاء وعامة الناس.
سؤال يوحي بتأكيد ازدواجيتنا في النظر والتقييم وهو لماذا سحبت صورة الفنانة سوزان تميم وهي مذبوحة بعد ساعتين فقط من نشرها، وهل كان نشر الصورة تجاوزا على أخلاقيات المهنة وعدم احترام للميتة وأهلها وجمهورها إذا افترضنا أن لها جمهورا، ولماذا نتسابق جميعا لنشر صور (مقززة) ومؤلمة جدا للأطفال الأبرياء كي نجعلها أداة (ضغط) لمواجهة إسرائيل؟.. أعتذر لم يكن سؤالا، بل كانت حمم أسئلة عجزت عن إجاباتها.
من وجهة نظري فإن البعض يزايد على هذا الأمر وينظر بعين (عوراء) للأمر، وكأن لسوزان كرامة يجب أن تُحترَم أما هؤلاء المساكين الذين انكشفت مواقعهم أمام العدو بسبب رعونة بعض أبناء شعبهم فلا يستحقون سوى (التشهير) في مزاد الفضائيات والصحف من أجل (قضية).
الإعلام وسيلة ضغط (حضارية) لتغيير المواقف والأمثلة كثيرة، ولكن لا يجب أن يكون كما هو الواقع في الأسابيع الماضية وربما حتى اليوم، بل إنني في بعض الأحيان من شدة الألم أدعو الله أن يخسف بالكاميرا مكانها قبل أن تنقل كل هذا (النزيف).
إحدى النساء في المقابلة تلك طالبت بمراعاة الطفل الفلسطيني، الذي رأى بأم عينيه المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق أصدقائهم الأطفال، وقالت: (يجب أن توضع برامج إعلامية لخلق حالة من الهدوء والطمأنينة لدى الأطفال الفلسطينيين) انتهى، وأنا أتساءل:
من يستمع لك يا سيدتي في مزاد القضية؟ يا الله..
أيجب أن نكون أداة تحطيم نكمل بها ما بدأته الترسانة الإسرائيلية من نسف للقيم، فيما أظن أن البعض ينشرها عن رغبة (صالحة) في تبيان ما وصلت إليه (حيوانية) الأركان والسياسة الإسرائيلية التي ما عاد يهمها طفلا أو كهلا.
m.alqahtani@al-jazirah.com.sa