يبدو أن المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية أصعب ألف مرة من مفاوضات السلام مع إسرائيل. وكأن هناك اتفاق فلسطيني على عدم الاتفاق. وأمام هذه الحقيقة المرة يتساءل الأشقاء والمخلصون للقضية الفلسطينية حول ما يمكن أن يفعلوه تجاه إخوتهم الفلسطينيين في ظل تناحرهم وتصارعهم وفي جو مشبع بالكراهية والاتهامات المتبادلة بالخيانة، والعمالة، والتهور. فالعرب والمنصفون لن يستطيعوا أن يقدموا لفلسطين شيئاً طالما ظل أهلها على وضعهم المؤسف الحالي.
ومع الأسف الشديد لم يلتزم الإخوة في فلسطين باتفاق مكة المكرمة الذي أرخ لمرحلة جديدة مضيئة في مسيرة القضية الفلسطينية.
وسرعان ما عادوا للتناحر الحزبي الضيق على حساب القضية برمتها. فعلى كل حركة فلسطينية وخصوصاً فتح وحماس أن يحسنوا الظن في بعضهم بعضاً وأن يمدوا يد الأخوة، لأن إسرائيل تتربص بهم الدوائر.
فإسرائيل أمام هذا التشتت الفلسطيني ستجهز لما هو أدهى من العدوان على غزة وأمرّ. فهذه الدولة التي لا تتوانى عن قتل الأبرياء مقبلة الشهر المقبل على حكومة أشدّ تطرفاً من الحكومة الحالية، بل إن وزيرة الخارجية الحالية المتطرفة تسيبي ليفني التي ظلت طوال العدوان تبرر لقتل الأطفال والنساء والشيوخ قالت إنها لن تشارك في حكومة اليمين لأنها متطرفة!
وزعيم حزب الليكود اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو المتقدم في الاستطلاعات الانتخابية يؤكد في كل المؤتمرات التي تعقدها حملته الانتخابية أنه سيتعامل بشكل أكثر حزماً وحسماً مع قطاع غزة، ويزايد في حملاته على ما قامت به حكومة إيهود أولمرت من بطش وإجرام في حق أبرياء فلسطين.
وعلى هذا، فإن الفلسطينيين في سباق مع الزمن، فإما وحدة وتلاحم لمواجهة القادم الأشد عنفاً وبطشاً، أو تشتت وضعف وهوان يغري المعتدي بمزيد من الاعتداء.
ونخشى في حال لم تنطلق مفاوضات السلام من جديد أن تسارع الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة باراك أوباما إلى وضع اللوم على الفلسطينيين المشتتين، مما سيُعَدُّ ضوءاً أخضر جديداً لإسرائيل لإطلاق يدها الملطخة بدماء الضعفاء للعربدة من جديد.
***