وأعني به أبا محمد الدكتور عبدالله بن محمد العجلان رجل التربية وعضو مجلس الشورى، الذي وافه أجله المعلوم وهو في أوج العطاء عضوا نشيطا فاعلا متفاعلا مع كل ما يطرح، العطاء ديدنه، والإخلاص منهجه في كل مراحل حياته، لم يعرف يوما مجاملة على حساب مبدأ، عمل بإخلاص قل أن تجده في هذا الزمن الذي ران على قلوب كثير من الناس حب المال فألهاهم عن تذكر يوم المعاد.
عرف بتودده للصغار واحترامه للكبار، نزيها وفيا، مخلصا لا يمكن أن تسمع منه كلمة ناشزة ولا فعل فظا.
في مجلس الشورى يشهد له زملاؤه بإخلاصه، وحرصه على العطاء قبل أن يطلب منه، صاحب مبادرة ذات مبدأ، مبادرات المنفعة الشخصية كما هي ديدن بعض العاملين الذين يحق لنا أن نطلق عليهم العاملين النفعيين، وهؤلاء إذا رحلوا لا يتركون أثرا إيجابيا بعدهم، كما لا يجدون رصيدا في سجل أعمالهم حسنا.
****
عمل في حقل التعليم حتى تقاعد وهو وكيل للرئيس العام لتعليم البنات لشؤون الكليات، وكان مثالا في الانضباط، هذا الانضباط الذي كان يزعج كثيرا من الناس، لأنه كان يتقاطع مع مصالحهم الشخصية التي كان رحمه الله يرفض أن يكون جسرا لمرورها.
حدثني من أثق فيه بموقف حصل له - رحمه الله - حيث كلف ضمن فريق عمل بإنجاز عمل ما، وكان أن توقف هذا العمل لسبب أو لآخر، وصرف لهم مبلغ هذا العمل وكان مبلغاً كبيرا يسيل له لعاب كل من همه الدنيا، فرفض استلامه مع كثرة المحاولات! وهو في أمس الحاجة إلى هذا المبلغ أو جزء منه، ويرجع سبب رفضه له بقوله إن الأجر على العمل ونحن لم ننجز العمل فلا يحق لنا تقاضي هذه الأجرة.!!
حقا يحق لنا التعجب من هذه النزاهة التي قل أن تجد من يتصف بها، إلا فئة قليلة جدا آمنت أن الدنيا فانية وأن الباقي هو ما يجده الإنسان في صحيفة أعماله يوم القيامة.
وأحسب أن فقيدنا من هذه الفئة - بإذن الله-.
كان واصلا لرحمه، وفيا لوطنه، لا تجده إلا هاشا باشا مع الجميع، ولذا يوم رحل كان فقده كبيرا على جميع معارفه وأصدقائه، وهذا ما يجب أن يتصف به كل إنسان يؤمن بأن الرحيل أمر لا مفر منه، وأن ما يبقى للإنسان هو خلقه، وحسن تعامله مع من حوله.
رحم الله فقيدنا وأسكنه أعالي الجنان مع النبيين والصديقين والصالحين، وخلف على أهله وأحسن عزاءهم.