تتحول التكنولوجيا من وسيلة للتقدم والرقي الفكري والاتصال مع العالم إلى وكر ومصيدة ووسيلة لممارسة الرذيلة ومضيعة الوقت؛ إذ يتحول الفضاء إلى شباك يقع فيها ضعاف النفوس أو أولئك الذين يعانون من الفراغ العاطفي والعقد النفسية التي شاعت في عالمنا.
في وقت يصبح الإنترنت زائراً لكل بيت.. بل يقتحم بيوتنا دون استئذان ويصبح عالم فتياتنا وشبابنا.. يصير رفيق نهارهم وونيس لياليهم، بكل بساطة وبكبسة زر تسري فيه الحياة وتستيقظ حياة الكثير من الضائعين الذين يبثون سمومهم من خلاله.. يعبثون بعقول ضعاف النفوس عبر دغدغة مشاعرهم وبيعهم الكثير من الوعود التي سرعان ما تصبح هباء عاصفة بتلال من الأحكام كانت بنتها من سراب، ومسببة الكثير من المخاسر النفسية والجسدية والمادية في الدرجة الأولى.
استوقفني برنامج 99 الذي تعرضه القناة الرياضية السعودية ولم أملك إلا الجلوس أمام الشاشة ومتابعة الحوار، لطالما عودنا هذا البرنامج على شفافية الطرح وتميز اختيار المواضيع التي تمس قضايانا وتعتني بمشاكل المجتمع السعودي بالذات.
الابتزاز.. هو العنوان الموفق لهذه الحلقة التي ناقشت قضية ابتزاز الشاب للفتاة أو العكس وهو ما شاع كثيراً في الآونة الأخيرة حيث ضعف الوازع الديني والحياء وصار هذا العالم (عالم الإنترنت) هو وسيلة الترفيه والتسلية.. بعد أن لونته أياد سوداء بألوان صناعية سرعان ما تذوب مع أول المطبات لتكشف عن واجهة سوداء وشباك سامة.
رغم أننا نعيش في عصر نسبق فيه عصرنا وزمان يحملنا مع أعمارنا سنوات إلا أن الدهشة والاستغراب سببهما وقوع فتياتنا وشبابنا فريسة أكثر من سهلة في هذا الشرك وفي أيد تلوثها ذنوبها وتعيث فساداً في الأرض.
من السذاجة حقاً أن نتبع الوهم والسراب وننقاد بكل سهولة لتجار الفضيحة والمبتزين.. من أولئك الذين تهون عليهم أعراض الناس فيتاجرون بتجارة ثمنها بخس..
ستة ملايين مستخدم للإنترنت بالمملكة لو أنهم يستغلون هذا الجهاز وهذا الفضاء ليحلقوا في واحات المعرفة والفكر وما يعود بالنفع لصنعنا مستقبلاً زاهراً وغداً مشرقاً بأفكارنا..
ثقافة التكنولوجيا.. أو ثقافة الحياة.. ما الذي يجب أن يدرج كمادة مقررة ضمن المقررات المدرسية لنتجنب هذا الابتزاز وهذا الانحدار إلى الهاوية!
أي عقاب يلزم لمعاقبة هؤلاء المبتزين.. أي نصائح يمكنها ردع الضحايا قبل أن تقع فريسة أكثر من سهلة في شراك معدة مسبقاً ضمن خطة مكشوفة وطرائق مبتذلة ومكررة؟!!
أي سلاسل يمكنها تقييد فضاء حر هو ملك للجميع ومحاسبة حق استخدم بالباطل؟
هل هذه يا ترى ثقافتنا وسبيلنا للتطور واستغلال التكنولوجيا!
حال محزنة حال البعض من فتياتنا وقد أسرهن هذا العالم في شباك عبوديته بدلاً من التحليق في فضاءات الفكر والتحصيل المعرفي.. فتحت لهن أبواباً على الهاوية منتهن ببيوت واهنة كبيت العناكب التي بنتها وأزواج من هواء.
إنا لمحزونون كذلك على الشباب الذين رسموا الحب بأحرف من نار احترقوا بها قبل أن تأكل الأخضر واليابس من آمالهم وآمال أسرهم وأوطانهم بهم.
ويحه هذا الحب الذي باسمه استبيحت الحياة وارتكبت الآثام..
لا أرجو أبداً أن تكون مقالتي هذه كأسلاك شائكة أو مواعظ كثيراً ما رفضت تقبلها بصيغة الوعظ والإرشاد.. أرجو أن تكون أحرفي أجراساً تقرع تذكرنا بإنسانيتنا واحترام وجودنا وطرق حياتنا.
***
آخر البحر
للدكتور عبدالله الفيفي:
في البدء كنا طيبين!..
يتحسس الأستاذ أياما طحت منه،
كأنفاس الحزين..
كنا نرتل وقتنا حينا
ونلهو بين جفني صبحنا الصافي الجبين!
في البدء كنا طيبين!..
ما بين صفحة قارئ أولى
وثانية
ترف هناك أحلام غرار في العيون!
فتطير أجنحة المكان مهاجرات كالمراكب،
صوب جزر من فتون!
في البدء كنا طيبين!..
MAYSOONABUBAKER@YAHOO.COM