هناك سؤال يطرح باستمرار في النقاشات ذات الطابع الاقتصادي. وذلك السؤال هو. هل يحق للحكومات ان تزاحم القطاع الخاص تجارياً؟ أليس دور الحكومات هو التشريع ومراقبة التنفيذ والتنظيم؟ حقيقة الأمر إنني في قرارة نفسي أرى أن الحكومات لايجب، وأكرر لا يجب بتاتاً أن تزاول النشاط الاقتصادي. لأسباب عدة أذكر منها على سيبل المثال لا الحصر طبيعة تشكيل الحكومة (وأقصد بذلك الوزارات المختصة) وطبيعة القائم على النشاط الاقتصادي وهو الموظف. ومزاحمة القطاع الخاص في مجاله. كما أن قصر الاستثمار على القطاع الخاص سيضمن لنا الاستخدام الأمثل للموارد. وإن كان هناك من موارد تعتقد بعض الوزارات أنه من الممكن الاستفادة منها، فهناك أكثر من طريقة للقيام بذلك وأولها Outsourcing. والحرص على عدم القيام بالبيع بطريقة مباشرة. وأخيراً تشابك المصالح بين الجهات الحكومية ذات العلاقة من ناحية. وتقاطعها مع القطاع الخاص من ناحية أخرى.
إن ما دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع هو ما لاحظته بعد إنشاء إدارة خاصة للاستثمار في وزارة الشؤون البلدية والقروية. فتلك الإدارة حسب مسماها أخذت على عاتقها البحث عن مصادر دخل، وليس استثمار موارد موجودة، وفي سبيل ذلك برزت ظاهرة إغلاق صرافات البنوك بسياج حديدي مشوه للمظهر الحضاري. تلك الظاهرة الشهيرة التي أدت إلى استياء عام ليس من البنوك. لمخالفتها. بل من الجهة التي أصدرت الأمر بالإغلاق. والتنفيذ بهذا الشكل. وقد لا أكون مخطئاً أن تنبأت بأن من أصدر قرار إيقاف ذلك التصرف هو صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف لمعرفتي بما هو عليه من فكر نير ونظرة مستقبلية اتضح بما هي عليه الرياض اليوم.
مثال آخر أسوقه وهو الإيجارات التي تفرضها البلديات على بعض الشركات ذات النشاط ذو العلاقة بالمستهلك بشكل مباشر. فإدارة الاستثمار لها رأي خاص بتسعير الأراضي الحكومية، وطريقة مميزة في التعامل مع الشركة المستأجرة حدت بالبعض إلى البحث عن ملاك أراض للشراء منهم مباشرة ولو بسعر أغلى وبالتالي انعكس السعر على المستهلك النهائي بطبيعة الحال.
لعلني هنا اكرر تساؤلي. هل هذا هو مقصد الحكومة عندما شاركت بالعملية التجارية مباشرة؟ اعتقد أن عودة الحكومة إلى لعب دورها التشريعي والتنظيمي هو أفضل خيار. والابتعاد عن القيام بدور التاجر. خصوصا وأننا وبحمد الله ننعم بحكومة اهتمامها الأول هو المواطن ورفاهيته وتيسير سبل عيشه.
alakil@hotmail.com *