بعد سلسلة من الإجراءات الحكومية السابقة بدءاً من تنظيم عمل المساهمات العقارية إلى تشكيل لجنة لمتابعتها ووضع الحلول المناسبة لطي ملف المتعثر منها والحيلولة دون تكرارها بالمستقبل صدر عن مجلس الوزراء آلية تنظم عمل اللجنة المكلفة بمتابعة هذه المساهمات ومراقبتها من خلال توليفة متكاملة تمثل الجهات المعنية والهيئات التي تستطيع التنسيق في ما بينها لوأد أي محاولة لاستغلال أموال الناس والتغرير بهم أو لمعالجة الإشكاليات التي قد تعترض نجاح أي مساهمة من خلال الضوابط المقرة قبل عامين لخطوات تأسيسها ولكن ما يهم الآن هو معالجة المساهمات المتعثرة فالتقارير تتحدث عن قرابة 100 مساهمة تختلف أسباب توقفها وتتجمد فيها عشرات المليارات وتتعطل بسببها حركة آلاف المواطنين نظراً لاحتجاز مدخراتهم لفترات طويلة مما سيعود بالنفع عليهم وعلى الاقتصاد بشكل عام لأن استرجاع هذه الأموال وتحريكها من جديد داخل الاقتصاد المحلي سيعود بالنفع الكبير حيث إنها أرقام كبيرة كما ستعود الروح للمساهمات العقارية وتتجدد الثقة فيها مستقبلاً لأنها ستكون وفق ضوابط ومتابعة صارمة تضمن نظاميتها وتؤمن السلامة لحقوق المساهمين فيها، وهذا سينعكس على دور القطاع العقاري ويرفع من مساهمته بالناتج المحلي على مدى السنوات القادمة وسيساهم التنظيم الجديد وآلية ضبطه بتلبية احتياجات المواطنين للعقارات من جهة وتنظيم تدفق النقد للاستثمار بهذا القطاع الحيوي من جهة أخرى وسينعكس نجاح الاستثمار بالقطاع العقاري على جوانب عديدة من الاقتصاد حيث سيحرك الطلب على منتجات قطاعات أخرى تتعلق بالبناء والتشييد وخدمات البنى التحتية كما سينعكس التوسع بتلبية الاحتياجات العقارية على الأسعار بتخفيضها وبالتالي سيهمش دور العقار برفع معدلات التضخم كما يحدث حالياً من خلال موازاة العرض للطلب مما يعني تحسناً كبيراً بدقة وعدالة التسعير والقضاء على العشوائية التي سادت الأسعار خلال الفترة الماضية بشكل عام
إن أهم ما يميز الخطوات الثلاث التي اعتمدت لآلية عمل اللجنة المكلفة بمتابعة هذا الملف هو أنها أصبحت ذات صلاحيات واسعة وتضع سقفاً زمنياً لا يتعدى الشهر لاتخاذ إجراءاتها المناسبة في حال وجود خلل يعتري أي مساهمة حالياً أو مستقبلاً كما تضع كل من له علاقة بأي مساهمة أمام القانون ويتحمل المسؤولية مباشرة في حال مخالفته للأنظمة المعتمدة لعملها.. إن هذه الخطوة تؤسس بالفعل لبيئة استثمارية بقناة هامة ورئيسة بالاقتصاد السعودي ولا يمكن أن يتوسع الاستثمار بأي مجال إذا لم يكن هناك ضوابط تحكمه وقوانين تحمي المساهمين فيه فهناك قرارات قد تكون مختصرة ولكنها بقدر ما تحمل من صلاحيات يتاح من خلالها تحقيق الأمان الاستثماري بقدر ما ينعكس أثرها على المجتمع والاقتصاد بشكل إيجابي قد يفوق توقعات حتى المشرعين له والقائمين على تطبيقه، فالفوضى التي اعترت قطاع المساهمات العقارية سابقاً نظراً لغياب جهة محددة تشرف عليه وعدم وجود أنظمة متكاملة منعت وقوع كل الإشكاليات التي اعترته سابقاً كانت بمثابة أزمة حقيقية بهذا القطاع لعبت دوراً بفقدان الثقة فيه والتوجه لبدائل استثمارية أخرى فكان السوق المالي مكاناً خصباً لتدفق السيولة له بوقت لم يكن جاهزاً لاستيعابها مما سارع بتضخم الأسعار فيه لينهار وتبرز مشكلة إضافية ما زلنا نعيش فصولها إلى اليوم.