كنت في حديث قصير مع الصديق عبد العزيز العواد أحد كبار التنفيذيين بقطاع الخدمات الصحية بالحرس الوطني عن هموم الصحة وخدماتها. وعرج بنا الحديث عن الوزير الرائع الدكتور الربيعة وعن إنجازاته التي أسهمت في نيله ثقة الوالد الملك عبد الله بن عبد العزيز ليكون وزيرا للصحة. فذكر في سياق حديثه عن فخره بأن الدكتور الربيعة هو آخر ثمرات الحرس الوطني لهذا الوطن.
فما ان أقفلت سماعة الهاتف حتى بدأت صورة مضيئة تتشكل في ذهني عن التكامل المؤسساتي الذي بدأ في الظهور في السنوات الأخيرة. فالكل يعرف الحرس الوطني السعودي هو مؤسسة عسكرية في منشئها وطبيعة عملها. ولكن لنفكر قليلا. أليس الحرس الوطني هو ثاني ابرز مؤسسة تعليمية بعد وزارة التربية والتعليم؟ أليس الحرس الوطني هو ثاني ابرز مؤسسة ثقافية بعد الوزارة المختصة بالشأن الثقافي؟ أليس الحرس الوطني هو ثاني ابرز مؤسسة صحية بعد وزارة الصحة؟ هل من الممكن أن يقول قائل إن الحرس الوطني قد حاد عن هدفه بقيامه بهذه الأدوار؟
إن الحرس الوطني بقيامه بهذا الدور لهو مثال ناجح للتكامل المؤسساتي في الوطن الذي يستثمر إمكاناته المتاحة لقيامه بدور فاعل لا يقتصر فقط على الدور الأوحد. بل يسهم في إكمال نقص ودعم موارد لغيره. وأنا هنا قد أكون متحيزا للحرس الوطني نظرا لعملي في فترة سابقه في هذا الجهاز. ولكني لا اجهل الدور العظيم الذي تقوم به وزارتا الداخلية والدفاع في نشر التعليم والصحة فلهما جهود مميزة في هذا الشأن.
أعود مرة أخرى إلى الحرس الوطني. فقد سمعت الكثير من الجدل حول الجامعة المنشأة حديثا وهي جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية. وكان الجدل بخصوص وجوب دمجها مع جامعه الملك سعود أو أي جامعة أخرى مؤهله للقيام بهذا الدور. ولكن لم ينظر المجادل إلى الخبرات المتراكمة للخدمات الصحية والإمكانات المتوافرة التي تمكن الحرس الوطني من القيام بإنشاء هذه الجامعة. وان مخرجات هذه الجامعة ستكون - بعون الله - اكبر داعم لعموم الخدمات الصحية في المملكة.
إن التكامل المطلوب الذي اعنيه هنا لا يعتمد على ما أسلفت فقط وليس بالضرورة تقديم خدمات تقوم بها جهات أخرى أو وزارات أخرى. ولكنه بناء متعدد الأبعاد ومتكامل العلاقات. فالتخطيط الشامل يتطلب العمل على توسيع أفق ومجال عمل هذه الوزارة أو تلك وذلك لضمان أن المنتج النهائي يخدم مصلحة الوطن بكامله. وانه لا وجود لفراغات بين المهام تتطلب إيجاد وظائف مؤقتة قد لا تخدم الهدف. أو في أسوأ الأحوال قد تعوق تحقيق الهدف.
***
alakil@hotmail.com