غيّب الموت في الأسبوع الماضي أخا عزيزا وصديقا وفيا، قلّ أن يجود الزمان بمثله صدقا وإخلاصا ومودة وسعيا بالمعروف بين الناس، إنه الأخ والصديق الشيخ عبد الله بن محمد الحقيل، يرحمه الله، ويلبس أهله ومحبيه وأصدقاءه ثوب الصبر والسلوان.
لقد ترجل الفارس عن صهوة جواده، بعد أن أدى رسالته على أكمل وجه، ترك بيننا وفينا فراغا لا يمكن تعويضه، نعم لقد كان الراحل رجلا بكل الصفات والمعاني، كان صادقا في القول والعمل، ناصحا باللين والرفق لمن حوله، محبا للخير ساعيا إليه، كان يفعل ذلك، وفقا للشواهد التي لمسناها فيه ابتغاء الأجر والمثوبة من الله تعالى.
كنا إذا تعرضنا لمشكلات أو صعوبات نهرع إليه، مستنيرين بفكره الوثاب وقدرته الرفيعة على التحليل والاستنتاج، لدرجة أن أصدقاءه وصفوة مجلسه كانوا يرون في (أبي هشام) الشخصية ذات العقلية الراجحة والقول السديد، ولِمَ لا وحياته كلها خبرات متراكمة ودروس مستفادة منذ أن كان طالبا ثم بعد انخراطه في سلك العمل وتدرجه في المناصب إلى أن أصبح رئيسا لمجلس إدارة (ساب)، خدم بلده ووطنه بإخلاص طيلة حياته.
كان عمليا واجتماعيا إلى أبعد درجة، إذا تنامى إلى سمعه حدث اجتماعي، بادر إلى السؤال مهنئا أو معزيا، كان يدرك أن الحياة الاجتماعية هي الأبقى والأفيد لشخصه، فعلّم الجميع كيف يحرصون على التواصل، وغرس فيهم مبادئ عدة لعل أبرزها عدم رد السائل والحرص على زرع البسمة على شفاه الحزين ومواساة المكلوم، ابتغاء وجه الله، لا سعيا وراء سماع كلمة ثناء أو شكر، معتبرا ما يقوم به حقا أصيلا للطرف الآخر، ومبدأ تربى عليه ولزمه طيلة حياته، حتى فارقنا.
لقد ملكنا (أبو هشام) في حياته ومماته، وترك بعده إرثا كبيرا من المحبة، التي حرص في حياته على إلزامنا بها، باعتبارها على حد قوله (المصباح الكاشف الذي يضيء ظلمة الطريق) وأيضا ظلمة القبر.
(إن الحياة قصيرة وقصيرة جدا ولا يبقى للإنسان سوى عمله الصالح وسلوكه الطيب وحرصه على النفع)، إنها كلمات سمعتها كثيرا من (أبي هشام) وكنت أرددها مرارا وتكرارا باعتبارها نبراسا وطوق نجاة، وها أنا اليوم أذكرها، وأجدد العهد بأن أتمسك بها ما بقيت حيا، وأوصي بها أبنائي وأحبابي، باعتبارها من الوصايا طيبة الذكر عن الراحل والفقيد العزيز (أبي هشام).
مرت أيام على رحيل فقيد الوطن الغالي، وحجم المأساة لا يزال كبيرا، والخطب جللا، ففقيدنا من الأشخاص العصاميين الذين كونوا أنفسهم بأنفسهم، وحرص على أن يكون القدوة لغيره سلوكا وقولا، ولهذا جاء وقع وفاته قويا ومزلزلا، على الجميع وفي المقدمة أسرته والمقربون منه والأسرة المصرفية التي عرفت فيه الإداري الفريد في استخدام مفردات وآليات الإدارة الحديثة.
رئيس مجلس إدارة مجموعة الحكير للسياحة والتنمية