ونحن نستعيد هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني الثامن والأربعين وكذلك يوم التحرير الثامن عشر لدولة الكويت الشقيقة تتداعى الصور والمشاهد الجميلة التي تعبق بشذاها الأخاذ الحاضر والمستقبل ولتزهو كويت اليوم بما حققته من منجزات، ابتداء من مسيرة الديمقراطية التي أرسى دعائمها ووضع لبناتها الأولى في مطلع الستينات الميلادية من القرن الماضي أمير دولة الكويت الحادي عشر سمو الشيخ عبدالله السالم المبارك الصباح -رحمه الله- والتي باتت مضرب المثل في الوطن العربي مروراً بالموروث الاجتماعي التليد الذي يحكي لنا قصة صراع الإنسان الكويتي من أجل البقاء، فقد عاش في جزء من العالم شهد إحدى أعظم التحولات على وجه الأرض وكيف أن الشعب الكويتي تحول في غضون سنوات قليلة بالمقاييس العالمية من الاعتماد على الغوص واستخراج كنوز البحر من اللؤلؤ وصيد السمك وزراعة لا تكاد تفي باحتياجات الحياة اليومية من الغذاء إلى الشعور بالخفر والاعتزاز بالانتماء إلى دولة حققت العديد من المنجزات على جميع الأصعدة حتى عرفت فيما بعد ب(دانة الخليج) وهي ولا شك ستظل كذلك في أعيننا للأبد، إننا نفرح اليوم للكويت ونردد مع الأشقاء الكويتيين في ابتهاج وسرور: (أنا الكويت أرضي وعرضي ومرباي لا هانت دروبي ولا خانت خطاي ثابت على ديني وعهدي ومبداي شامخ على سيف البحر مثل الأبراج).. نحيي في ذكرى التحرير الشعب الكويتي، فهو بالفعل أنموذجٌ خالدٌ للشعب الصابر والصامد والمقاوم للعدو، والتاريخ يشهد بأنه في غضون ساعات تحول من شعب ينعم بالرفاهية ورغد العيش إلى شعب عامل وعنصر فاعل في تماسك الجبهة الداخلية عندما امتدت يد الغدر وطعنت أرض المحبة والسلام تحت جنح الظلام في الثاني من أغسطس 1990م، فمنذ ذلك التاريخ وعلى مدى سبعة أشهر سطر الرجل الكويتي الملاحم الخالدة ضد الغزاة ودونت المرأة الكويتية مواقفها بمداد من نور وذابت كل الاختلافات عندما استصرخت الكويت أبناءها فانتفض أبناء الكويت جميعاً سنةً وشيعة حضراً وبدواً هاتفين بصوت واحد (لبيه يا أمنا الغالية) فلم يستطع جنود الظلام أن يجدوا ثغرة بسيطة ليضربوا من خلالها الكويتيين من الداخل ولم تفلح الدبابات والطائرات والأسلحة بمختلف أنواعها أن تحرك ولو جزءاً بسيطاً من وطنية أبناء الكويت، بل على العكس ازداد الشعب الكويتي تمسكاً بقيادته الشرعية وكان العنوان الأبرز في كل المسيرات الحاشدة داخل الكويت وخارجها في مختلف دول العالم (لا حكم بدون بابا جابر ولا حكومة بدون بابا سعد) حتى جاء الفرج وانبلج الفجر وأشرقت تباشير النصر في أواخر شهر فبراير يومها عادت الكويت لأهلها وفرح جميع الشرفاء والخيرين في العالم الحر بعودة الكويت حرة أبية، إن الأجيال تلو الأجيال ستظل تستعيد هذا الحدث التاريخي وستظل تذكر أبطاله: الملك فهد بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله - رحمهم الله جميعاً-، فكل منصف سيظل يذكر الراحل الكبير الملك فهد -رحمه الله- عندما فتح أبو فيصل دياره لتحتضن الأهل وأبناء العمومة من الكويت ولسان حاله (القلب دار لكم يا أهل الكويت)، وكذا قراره التاريخي الشجاع باستدعاء قوات التحالف لتحرير الكويت منطقة من أراضي المملكة العربية السعودية وهذا ما تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن ننسى أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد -رحمه الله- ودوره الفاعل في شرح قضية الكويت العادلة في المحافل الدولية حتى عاد الحق لأصحابه. أما أمير اللحظات الحاسمة والقائد الميداني للمقاومة الشيخ سعد العبدالله -رحمه الله- فالجميع يتذكر دوره الحاسم منذ الساعات الأولى للاحتلال عندما أدرك بتوفيق الله له الهدف الأساسي للغزاة وهو طمس الهوية الشرعية الكويتية فأحبطه عندما بادر بإقناع رمز الكويت وأميرها الشيخ جابر، وأشار عليه بالمغادرة فوراً وتضييع الفرصة على جنود الغدر من تحقيق مآربهم، وربنا يعلم ماذا ستكون عليه الحال لو لم يتم ذلك الإجراء السريع والحاسم، إنها شواهد تاريخية مات أبطالها ولكن ذكراهم العطرة لم تزل حاضرة وستظل كذلك بإذن الله، وبالتأكيد هناك أبطال أحياء لتلك الأحداث وندعو لهم دوماً بالعمر المديد والصحة والعافية، وهم: سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح -حفظهم الله- فقد كانا -رعاهما الله- خير معين ومؤيد لرموزنا الراحلين خلال تلك الأزمة، وهما الآن يقودان بلديهما السعودية والكويت بحكمة واقتدار وعزم وإصرار للرقي والتنمية والازدهار، أصدق التهاني والأمنيات القلبية أرفعها لمقام صاحب السمو أمير دولة الكويت الشقيقة الشيخ صباح الأحمد الصباح -حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح -حفظه الله- وسمو رئيس الحرس الوطني الشيخ سالم العلي السالم الصباح -شفاه الله وعافاه- وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح - حفظه الله- وعموم الشعب الكويتي الشقيق. وتهنئة خاصة لسعادة سفير دولة الكويت لدى المملكة الشيخ حمد الجابر العلي الصباح -سلمه الله-، سائلاً المولى القدير أن يحفظ الكويت العزيزة أميراً وحكومة وشعباً من كل سوء وأن يديم عليهم الأفراح وعلى دروب الخير والمحبة في بيتنا الخليجي الكبير دوماً نلتقي.