لقد سعدت بتأسيس مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام, وهذه الخطوة الرائعة ستقود بلادنا إلى التقدم العلمي المأمول بعد أن رأينا بوادر الإبداع في شبابنا وكفاحهم للتقدم العلمي والمهني، لعل الوقت قد أزف لتضمين الرعاية والاحتواء للمبدعين لسد القصور ونقص الرعاية التي يحتاجونها، وأتمنى من القائمين على هذا المشروع الكبير أن ينظروا بعناية إلى جانب السلوكيات وآثارها على الإبداع والفهم، وأن يتضمن المشروع الجديد مواد تربوية في السلوك والأخلاق لكي نتلافى بعض السلوكيات الخاطئة والتي لم يكن النظام التعليمي يلقي لها بالاً، ومنها المخدرات والأمراض الجنسية والتدخين، وأن يتم التركيز عليها لأنها هي الآفات الشبابية التي تعيق الإبداع والتقدم العلمي، ومن تجربة خاصة في العمل الطبي على مدى خمسة وعشرين عاماً رأيت أن معظم المصابين بأمراض التدخين أو الأمراض الجنسية وأمراض الجهاز العصبي بسبب المخدرات هم من فئة الطلاب الذين لم يمر عليهم في المناهج سوى معلومات بسيطة وقاصرة عن خطورة تلك الآفات وآثارها الصحية.
وأتمنى أن يتم تخصيص مادة دراسية خاصة للسلوكيات الصحية والثقافة الصحية لتشمل التحذير من تلك الأمراض (وخصوصاً ما يتعلق بالأيدز والأمراض الجنسية والتدخين وما يتعلق به من سرطان وأمراض قلب وشرايين والمخدرات وما تسببه من أمراض للمخ والجهاز العصبي) وأن يشمل هذا المنهج توعية مصورة بتلك الأمراض وطرق الإصابة بالأمراض وطرق تجنبها.... الخ.
وأتمنى كذلك أن يتم تقليل الحشو العظيم الموجود في بعض المواد العلمية كالرياضيات والعلوم وما تحويه من تفاصيل دقيقة لا يحتاجها إلا الطالب المتخصص بعد دخول الجامعة، فالرياضيات تحوي مئات المعادلات الرياضية التي جعلت طلابنا يكونون ضحية للدروس الخصوصية ولا يعلم الطالب فوائدها ولا يستطيع فك رموزها وطلاسمها إلا بعد أن يتخصص بالرياضيات أو الفيزياء في المرحلة الجامعية، فلماذا نربك طلاب الثانوي بها ونجعلها بعبعاً وهاجساً وهمّاً وطريقاً لسيطرة تجار الدروس الخصوصية على جيوب الآباء؟؟؟
وقد رأيت في المناهج البريطانية والأمريكية أن الطالب يكتفي من الرياضيات بالمعادلات البديهية والطرق العقلية الرياضية التي تتسم بالفهم والإدراك والتوسع الفكري دون اللجوء للمعادلات المتقدمة التي تهم فقط المتخصصين بالرياضيات والفيزياء.
وبعض مواد العلوم تحوي تفاصيل دقيقة وتقسيمات متخصصة لا يستوعبها جميع الطلاب.
أرجو أن يكون لدى القائمين على تطوير التعليم الرحابة لمناقشة هذه المقترحات لكي نصل إلى ما يفيد الأبناء والبنات دون التعقيد والقتل العقلي بمعادلات رياضية أشبه ما تكون بالطلاسم.
- مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض
khodairy@kfshrc.edu.sa