يتحدث رجل المرور عن نظام المرور الجديد ويشدد على أن المواطن بحاجة لتوعيته بأنظمة المرور ومخاطر مخالفتها، ويستطرد أن الحوادث المرورية إنما تحدث لجهل السائقين وعدم معرفتهم بمتطلبات السلامة، ويتحدث الاختصاصي الاجتماعي أو التربوي ليشدد أيضاً على أن كل مشكلات الشباب أو الأسر..
إنما تحدث لجهل الآباء والأمهات وعدم إلمامهم بطرق التربية الحديثة، ويشدد على ضرورة توعية الأسر وأفراد المجتمع في طرق تسييرهم لأمورهم وتنشئة أبنائهم وتماسك أسرهم، ويتحدث مسؤول عن الكرة ليؤكد أيضاً غياب وعي الجماهير بما يحدث ويشدد على أهمية توعية الرياضيين والجماهير ورؤساء الأندية وكل العاملين في مجالات الرياضة، ويتحدث محلل القناة المالي ليؤكد أن ما يحصل في السوق نتيجة عدم وعي المستثمرين خصوصاً صغارهم ولا حل لاستقرار السوق إلا بتوعية مرتاديه والمستثمرين فيه، ويتحدث كل الناس الذين تتاح لهم فرصة ليطلوا علينا عبر وسائل الإعلام عن كل الموضوعات أيّاً كانت هذه الموضوعات ليعودوا ويشددوا على أننا في عمومنا لا نفهم ولا نعي الأمور، ويتطلب إصلاح أحوالنا توعيتنا في كل شيء دون استثناء فهم يرون أننا لا نفهم شيئاً من أمور حياتنا.
الوضع هذا يحيرني فعقلي من باب التعصب وليس من باب البحث عن الحقيقة، يرفض أن نوصف بعمومنا بهذا الوصف أو أن ينتقص منا بالتأكيد على حاجتنا الدائمة للتوعية في كل حال نكون فيها، ولو قصد بالتوعية هنا اطلاعنا على المستجدات أو المتغيرات لرضينا، إنما المقصود منها في أحاديثهم أننا نجهل كثيراً من الأساسيات، فنحن لا نعرف كيف نربي أبناءنا ونتعامل مع مشكلاتهم، ونجهل كثيراً مما يتعلق بأمور ديننا، ونجهل كيف نستثمر في سوق الأسهم، ولا نحسن قيادة سياراتنا واستعمال هواتفنا وما استحدثته لنا ثورة التقنية، حتى ونحن نتابع مسلسلات عجيبة لا يحق لنا أن نقول رأياً أو ننتقد عملاً لأننا وببساطة كما يرانا الآخرون لا نفهم ونحتاج للتوعية في كل شيء.
كل الناس الذين نراهم في البرامج التلفزيونية من محللين أو محدثين أو ناصحين أو مسؤولين يؤكدون على أهمية توعيتنا فنحن لا نزال في نظرهم مجرد أعداد غير واعية تتسبب بجهلها وعدم انضباطها بالكثير من الفوضى التي نراها الآن دون أن نجد لها حلولاً، والأمر يستفزني حقاً لكنني لا أستطيع رده، على أنني أتمنى أن يظهر علينا أحدهم ولو من باب التغيير ليطرح حلاً لمشكلة تتم مناقشتها دون التطرق لجهلنا أو حاجتنا للتوعية لأن المفردة هذه استعملت كثيراً في غير موضعها وأصبحت وسيلة ناجعة لمن أراد أن يتحدث في أمر يجهل حقيقة سبل حله وتصحيحه أو تطويره.. والله المستعان.مع تحياتي.