أن يُتهم وزير ويُقبض عليه ويُحاكم أمام محكمة ثم يُحكم عليه بالسجن وبتهمة الاحتيال، فهذا جديد في وطننا العربي وفي الدول النامية جمعاء.
ولهذا فقد استشعرنا بالحكم الذي أصدرته إحدى محاكم إمارة دبي في دولة الإمارات العربية، بأن دول الخليج العربية بخير والحمد لله؛ إذ حافظت هذه الدول على تمسكها بالشريعة الإسلامية التي تلزم المسلمين بإنفاذ الحقوق ومعاقبة من يخرج على الشريعة والقانون، دون النظر للموقع الاجتماعي والمنصب الوظيفي، وأين كان الغريم والخصم الذي يواجهه في الحكمة، وهو تحقق في إمارة دبي، فقد نظرت المحكمة في الاتهام الموجَّه إلى أحد الوزراء، ويحسب لدولة الإمارات العربية، ولحاكم دبي بالذات، أن تُرك القانون يأخذ مسراه، ولم تتم معالجة القضية، مثلما يحصل في دول كثيرة، ويتم إرضاء الخصم، بل سار الوضع طبيعياً وحسب العدل، بأن استقبلت دوائر الشرطة في إمارة دبي الدعوى وأُحيلت للتحقيق، وتم التحقيق مع الوزير وابن الوزير والشخصين، وهما أمريكي وهندي اللذين ساعدوه في الاحتيال بالاستيلاء على حصة شريكه (اللبناني) في إحدى الشركات الإلكترونية في إمارة دبي.
وبعد استكمال التحقيقات، وتأكد الدوائر القضائية من وجود شبهة جنائية، رُفع الأمر إلى ولاة الأمر في دولة الإمارات، فكان التوجيه واضحاً من قبل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم إمارة دبي، بمواصلة الإجراءات القضائية وقبول شكوى شقيقة الشريك الأجنبي (اللبناني) الذي توفي؛ ما دفع الوزير إلى الاستيلاء على الشركة، ولم يؤثر في الأمر أن (الجاني) وزير، وأن رافع القضية من غير مواطني الإمارات، وحتى لا يكون الأمر بلا ضغوط على القضاة، تم إعفاء الوزير من منصبه، وجرت إجراءات التحقيق والتقاضي دون أية تدخلات؛ لتصدر محكمة دبي قرارا يوم الاثنين بالحكم على الوزير بالسجن سنتين بتهمة الاحتيال، وإعادة نصيب الشريك اللبناني إلى ورثته، وبرأت المحكمة ابن الوزير الذي سجل نصيب الشريك اللبناني باسمه، في حين حكمت المحكمة بالسجن سنتين وبالترحيل على من ساعد الوزير على الاحتيال والاستيلاء على الشركة، وهما الموظفان في الشركة، أحدهما أمريكي والآخر هندي.
ومع أن أمام الوزير فرصة لتقديم استئناف لمراجعة الحكم وتقديم كفالة للبقاء خارج السجن إلا أن صدور حكم ونظر القضية بشفافية مطلقة، يؤكدان أن العدالة بخير، خاصة في الخليج العربي، وأن أهل الخليج مستمرون في تقديم البراهين على أن أصائل العرب لم تلوثها حضارة العصر.
jaser@al-jazirah.com.sa