الـ (SMS) أخذت تحتل من حياتنا حيزا كبيرا، تختصر به أهمية الهاتف والفاكس بل المكتب في العمل أو في البيت، هذه الرسائل الإلكترونية صارت تقتحمنا في كل زمان ومكان، حتى في ساعات الفجر الأولى فنهرع إلى جوالاتنا حين تأذن بوصول رسالة ظانين أن أمراً جللاً، أو حدثاً كبيراً قد وقع، ونفاجأ ب (صوت لشاعر المليون، أو اتصل على هذا الرقم لسماع آخر صيحات الرنات، الأمرّ من ذلك الرسائل من البعض للتسول بطريقة إلكترونية!).
حتى الاستقالات والواسطات والغيبة والنميمة، وأخبار الطلاق والزواج والتي أغلبها إشاعات لا ترحم ولا تهتم بمعنى الزمن، وأن من حق الإنسان أن يرتاح في نومه، أو قيلولته، أو خصوصيته.
إن اقتحام مثل هذه الخصوصية يجب أن يجرم، وأن تأخذ الجهات المعنية قانونية هذا الاختراق والتعدي على حياة الغير.
هذا الذي يزعج جداً، وليس لنا في منعه من يد، ساقني إليه بعض المواقف التي تثير أكثر من تساؤل، بل ربما تدعو إلى الاستهجان، خاصة أنه يأتي من جهات لها وظيفتها المسئولة ولها مسئوليتها في التواصل مع الآخرين، ودوافع وأسباب هذا التواصل.
أقدر كثيراً أن تصلني رسالة من مسئولة في الجامعة تهنئ بحلول شهر رمضان أو العيد أو العام الجديد بطريقة غريبة، إذ تحمل الرسالة توجيها لمستلمها بأنه يمكنه التوجه بتهنئة للمسئول في القاعة كذا أو المكان كذا!!!
ومع ان هذا يعتبر تواصلاً جيداً، ومقبولاً، من حيث المعنى والهدف، إلا أن الأمر يبدو غريبا، بل مريبا حين لا تصل إلينا رسائل تدعونا إلى حضور اللقاءات التخصصية والتي تعنينا مباشرة، كوننا من أهل العلم فيها والتجربة والاختصاص.
أليس من الغريب أن يدعى إلى مناقشة الخطط الاستراتيجية للتعليم العالي والجامعي خاصة أناس ليسوا على دراية أو معرفة بمعنى استراتيجية التعليم بينما يتم اغفال ذوي العلاقة التخصصية المباشرة؟!
لن ينجح هؤلاء الداعون بالتذرع بالنسيان، أو الغفلة، لأنهم لم ينسوا دعواتنا في التبريكات وأداء واجبات التهاني من باب (لزوم ما يلزم) خاصة وأن المختصين في مثل هذه العناوين في هذا المجال بالذات ليسوا كثيرين بل ربما لا يتعدى عددهم على مستوى الوطن اصابع اليد الواحدة.
هؤلاء الاستراتيجيون الحقيقيون الذين استبعدوا من دورهم المتخصص في حاجة إلى تبرير أمر إغفالهم وإلا فإن حدسهم سوف يصدق في أن هذه العناوين وتلك اللقاءات إنما جاءت معلبة جاهزة، أو مفبركة للإعلام (والطربقة) ما يعني أن هناك من لا يريد أن يحضر أهل الاختصاص، حتى لا ينكشف المحظور.
... وتاليتها؟!!