المعركة التي دارت رحاها في إحدى مدارس البنات بالرياض واستخدمت فيها المشرفات والمديرة والمعلمات أنواعاً مختلفة من السباب والسخرية والقذف يفترض أن تكون جرس إنذار يكشف للوزارة وجود مشكلة يجب العمل.
على دراستها، فما حدث لا يجب إن ينظر إليه على أنه مجرد حالة تكشفت تفاصيلها للصحف! فانحدار مستوى النقاش والحوار بين المعلمات والإداريات والمشرفات يجعلنا نقلق على وجود الطالبات في مدارس تعاني من هذه الأمراض الخطيرة! ما حدث هو امتداد للعنف الموجود في المدارس والذي عادة ما يستخدم ضد الطالبات خاصة في المرحلة الابتدائية. والجديد في هذه الحادثة أن العنف حدث بين الكبار، ولعل ذلك هو سبب اهتمام إدارة تعليم البنات لأن الكبار يجدون طريقاً للشكوى بينما الصغار في مدارس البنات والبنين لا يعرفون إلا اجترار الألم الناتج عن ما يواجهونه من عنف قرأنا عنه كثيراً في الصحف وهو يتنوع بين ضرب وتوبيخ وسخرية واستهانة بالقدرات ودفن للمواهب. وأعتقد أن الدفن المستمر للمواهب والقدرات في مدارسنا هو من أعظم (الأخطاء) التربوية التي لا يعاقب عليها القانون! التعليم في مدارسنا مخرجاته متشابهة لأن المدير والمشرف والمعلم في الغالب لا يكترثون بطالب لديه موهبة ويعتبرون أن وظيفتهم هو تخرج المتشابهين لا المتميزين والمبدعين!!
نعود للمشرفات والمعلمات والمديرة ومعركتهن التي دارت بعض من فصولها في (مصلى) إحدى المدارس! فبعد التحقيق خرجت إلينا لجنة التحقيق بقرار تضمن الإنذار والحسم، وهو قرار مناسب بحسب ما تمليه الأنظمة التربوية التي لم تتغير رغم تغير الظروف! توصيات مديرة وحدة المتابعة النسائية أكدت على تكثيف المحاضرات في مكتب الإشراف الذي يعتبر طرفاً في المشكلة، وتفعيل برنامج المربي الأول (محمد صلى الله عليه وسلم)، محذرة من الاستهزاء أو السخرية وانتقاص الآخرين. ومع أهمية هذه التوصية خاصة ما يتعلق منها بتفعيل برنامج المربي الأول صلوات الله وسلامه عليه إلا أن تلك التوصيات تحتاج أن تدعمها الوزارة بإعداد نشرة تتضمن حقوق وواجبات كل من المعلم والمدير والمشرف وطبيعة العلاقة بينهم وبإعداد نظام جديد للعقوبات والحوافز يعطي مساحة مناسبة لمكافأة المتميز ويجعل العقوبة رادعة لمن يجعل من هذه المهنة مجرد وظيفة كأي وظيفة أخرى!!
دور المشرف أو المدير ليس حل المشكلات عن طريق التلفظ بكلمات نابية فمسؤوليته توجب عليه التحدث بشكل منفرد مع صاحب المشكلة وتنتهي بكتابة تقرير هذا هو الأسلوب التربوي والحضاري الذي يجب أن يتبع! هناك مشرفون لا يعرفون حدود مسؤولياتهم وما تزال صورة (المفتش) حاضرة في أذهانهم لذلك يعتقدون أن عليهم معالجة ضعف الأنظمة التربوية باستخدام قدراتهم الشخصية!
alhoshanei@hotmail.com