الإعلام من الناحية المهنية له (دوران): متابعة الأحداث والترفيه،فهو إما أنه يؤرخ بشكل يومي للمجتمع أو يسهم في تسليته،وهذا الفهم الصحيح لهذا الدور جعل الغرب يضع الإعلام في (منطقة) وسائل (التسلية) مثله في ذلك مثل الدراما. وما يقال من ضرورة أن تتضمن الصحف اليومية ملاحق متخصصة: توعوية أو إرشادية أو تربوية في موضوعات طبية مثلاً،فهو مخالف لدور الصحيفة وتأكيد ذلك يعني تحميلها مهام ليست لها،فكم من صفحة تربوية ظهرت وماتت دون أن يدري عنها أحد،ولكن لا ينسى الناس خبر ضرب طالب لمعلم.
هل يعني هذا أن الصحيفة لا تتناول موضوعات طبية مثلاً،أو هل القناة الفضائية لا تضع برامج أسبوعية عن الزراعة مثلا؟ الإجابة هنا تعتمد على مدى اهتمام هذه الملاحقة الصحفية أو البرامج الفضائية بالموضوع كحدث،فإذا كان الموضوع الطبي يمثل حدثا بمعايير الإعلام فإن من دور الإعلام تسليط الضوء عليه ومتابعته كإنفلونزا الطيور،أما إذا كان مجرد إعداد موضوعات طبية إرشادية لا علاقة لها بحدث معين،فإن هذا لا يعد عملاً إعلامياً،وهذا هو سر (برود) الصفحات المتخصصة في مجال معين.
لا بأس أن يكون هناك ملاحق متخصصة،ولكن ينبغي أن تتضمن (أحداثاً) وليس مواد صحفية (ميتة) معدة بطريقة (شخصية) لا علاقة لها بحدث معين. حتى الحوار الصحفي إذا لم يكن مرتبطا بحدث معين،فلا قيمة له مهنياً.
كقاعدة عامة الإعلام لا يتابع الأشياء الساكنة،وهذا ما جعله يتجاوز فترة (البيات الشتوي) لسراج عمر،ولكنه حينما أعلن سراج عمر عن حدث معين وقال إنه أحرق مكتبته صار ذلك حدثا مهما بمعايير الإعلام أو بعبارة أدق بمعايير من يعرف أهمية هذا الحدث كونه يصدر من شخصية لها مكانتها الموسيقية،فتناولته الصحف السعودية بدون استثناء،وبغض النظر عن صدق أو (افتعال) هذه المحرقة،إلا أن سراج عمر نجح في تسليط الأضواء عليه وأصبح حديث الوسط الإعلامي والفني،الأمر الذي أعاد تواصل الجميع معه،فيما نجح في توقيع عقود مجزية تتجاوز - بأضعاف مضاعفة - مكافأته الشهرية التي يتقاضاها من جمعية الثقافة والفنون بجدة.
Ra99ja@yahoo.com