مع إطلالة الربيع ينشط الحراك الثقافي السعودي، فما إن نودع الشتاء حتى ينهمك أهل الثقافة والأدب والفكر في المملكة العربية السعودية لتفعيل الأنشطة الأدبية والفنية والتراثية، حيث ينطلق مهرجان التراث والثقافة، وتنطلق معارض الكتب وتزدهر المناسبات الثقافية، وتنتعش المسارح وقاعات المحاضرات والأندية الثقافية والأدبية، حتى أصبح الشهر الأخير من الربع الأول من كل عام، الذي يؤشر لدخول فصل الربيع.. موعداً لازدهار فعاليات الثقافة والأدب وفيه يضطلع أهل الفكر بدورهم التنويري من خلال تقديم نتاجهم الفكري عبر الالتقاء بمتذوقي الفكر والثقافة من السعوديين وضيوفهم من الاخوة العرب والمقيمين على هذه الأرض المعطاء.

وهكذا أصبح موعد تفتح الزهور، واكتساب الأرض بساط الخضرة، موعدا لفتح كنوز المعرفة والتنوير والثقافة في المملكة.. ليكون ظهور طلع النخيل.. وفواح روائح الزهور موعدا انتظره السعوديون وضيوفهم من أهل الفكر والأدب من العرب والأصدقاء المستشرقين، لتتحول الرياض (بيت العرب) إلى واحة يفوح من أرجائها الفكر والأدب.. وأنغام الطرب واعادة تقديم التراث والتاريخ المجيد في قالب عصري فني، وهو ما اعتاد متابعو ربيع الثقافة والتراث في اليوم الأول من مهرجان الجنادرية، فإضافة إلى (الأوبريت) الذي يقدمه أفضل المؤدين والفنانين السعوديين الذي يصوغ كلماته أفضل الشعراء السعوديين الذين قدموا وعلى مدار أربعة وعشرين عاما (درراً) من الشعر العربي الرائع واستطاعوا أن يخلدوا التاريخ ومسيرة البناء السعودي فيما صاغوه من قصائد شكلت (أوبريتات)، حفلت بمضامين ترجمها الفنانون السعوديون إلى لوحات جمعت بين المضمون والشكل وفق رؤية بصرية وسمعية جديدة يستمتع بها ومنذ ربع قرن ملايين المتلقين من السعوديين والعرب، حتى أصبح (ربيع الجنادرية) موعدا لنثر الفرح والبهجة لكل الأوطان العربية، حيث يستعيد الإنسان العربي تاريخه المجيد من خلال استعادة نهضة الوطن الذي يشكل منطلق أصل العرب جميعاً.

وهذا العام يترقب محبو ومتابعو ربيع الجنادرية مساء اليوم ليستمتعوا بعبقرية الكلمة من صائغ الدرر الشاعر بدر بن عبد المحسن، الذي لا شك بأنه سيقدم رؤية عصرية لإنجازات الوالد المؤسس.. وعبقرية ابنه الفذ.. فمساء اليوم نحن على موعد مع رائعة (وطن الشموس) التي تمزج بين عبقرية عبد العزيز بن عبد الرحمن.. وابنه عبد الله.