حين خلق الله الكون واستخلف فيه آدم كان هذا الكون نظيفاً خالياً من التلوث، حتى قرر أبناء آدم تلويثه بالوقود والاحتطاب الجائر بغرض الطهي أو الإنارة أو الإفراط بالتدفئة. ولم يكتفِ الإنسان بذلك بل استخدم النار لصهر المعادن وحرق الغابات.
وبعد أن كانت الأرض حينذاك تُنقِّي نفسها بنفسها، تم اكتشاف البترول فشهدت البشرية تطوراً صناعياً ومدنية حديثة، فصار الإنسان المتحضر يستخدم مشتقات النفط المتعددة، وحينئذ بدأت مظاهر التلوث البيئي تحيط بهذا الكون الجميل، لدرجة أصبحت تشكِّل خطراً على صحته وحياته.
ويعد تلوث الهواء من أهم المشاكل التي تهدد البيئة ومن فيها من كائنات حية بما في ذلك البشر الذين باتوا مهددين بالفناء أكثر من أي وقت مضى!.. وبعد أن أصبح التلوث خطراً يهدد كل ما على سطح الكرة الأرضية بدأ الانتباه لهذه الظاهرة، فأخذت الدراسات الجادة تشق طريقها نحو البحث والتقصي، ووصل الأمر لتخصيص دراسات وبرامج لهذا الخطر المحدق بالأرض!.. وشعر العلماء بضرورة الإسراع في اتخاذ خطوات ملموسة وقرارات عاجلة للحد من ملوثات البيئة ومكافحتها ومعالجة آثارها.
ومن السبل السليمة لحماية الجو من التلوث: الفهم الصحيح لطبيعة الغلاف الجوي، وترشيد استخدام الطاقة وتحسين كفاءة استعمالها في مجال النقل والصناعة كالتأكد من استيفاء السيارات والشاحنات لمعايير السلامة البيئية، وتوسيع الطرق العامة لمنع الاكتظاظ المروري وتسهيل انسياب الحركة. وينبغي توطين المصانع بعيداً عن حدود التركز السكاني، وضرورة إقامة المناطق الخضراء، ومنع التدخين في الأماكن العامة وبث الدعاية المضادة له، وتجميع القمامة بانتظام في أوقات مخصصة لذلك، ومنع حرقها في الهواء الطلق، ومعالجة نفايات المدن بتصنيفها حسب نوع الاستفادة منها في صناعات جديدة وفي توليد الطاقة، ومراقبة أسطبلات الخيول وحظائر الأبقار والأغنام والدجاج والتأكد من نظافتها ومعاقبة المخالفين، واعتماد أسلوب المكافحة المتكاملة في مقاومة الحشرات الزراعية. والتوقف عن منح الترخيص بإنشاء المشاريع الصناعية إلا بعد دراسة تأثيرها على البيئة، وزيادة ارتفاع مداخن المصانع وتزويدها بمرشحات ومصافٍ لحجز الغبار والدخان، واستخدام مصادر وقود قليلة المحتوى الكبريتي أو تنقيته من الكبريت قبل حرقه، ومنع إجراء التجارب النووية.
ويتوقع بعض الناس أن الملوثات خارجية فيلجأون لقضاء جل وقتهم داخل المباني حتى ليصل هذا الوقت من80 إلى90 % فهم يعملون ويأكلون ويشربون وينامون داخل المباني، وقد لا يعلمون أن دورة الهواء تكون مغلقة، فعندئذ يصبح تلوث الهواء الداخلي أخطر من الخارجي!.
ومنذ السبعينات بدأ العلماء يسلطون الضوء على تلوث الهواء الداخلي فأخذوا يحذرون من دخان السجائر والجراك، واستنشاق البخور وكذلك الأبخرة الناتجة من المفروشات ومواد الدهانات، بالإضافة إلى غاز الفريون المنبعث من أجهزة التكييف!.
وأرجو أن لا يتهور أحد فيختبئ في الأقبية (البدرومات) تجنبا للتلوث، حيث وجد في الولايات المتحدة أن غاز الرادون radon active gas وهو غاز نشط إشعاعياً ينبعث من الأرض ويتواجد في البدرومات على وجه التحديد!.. فأين تذهبون؟.. أسأتم للبيئة، وها هي تعاملكم بالمثل!.
rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب: 260564 - الرياض: 11342